للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما هو واقع الآن.

وكل من اليهود والنصارى مغضوب عليهم وضالون, وكذا كل من حاد عن منهج الله عن علم, أو عن جهل إلا أن أخص أوصاف اليهود الغضب, ومثلهم من ترك الحق بعد معرفته, وأخص أوصاف النصارى الضلال (١) ومثلهم من عبد الله على جهل.

ولا يلزم من هذا أن لا يوجد من بين اليهود من هو جاهل ضال, ومن بين النصارى من هو عالم, ولا يمنع من هذا أن يكفر نصراني, وهو يعرف الإسلام كما يعرف ابنه وزوجته.

ولما كان اليهود تركوا الحق بعد معرفته, وكانوا أجرأ على محارم الله- تعالى-, واقسي قلوبًا كانوا أحق بوصف الغضب, وأولي بأن يقدم وصفهم على وصف النصارى الضالين مصداق ذلك قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} (٢).

قال ابن القيم (٣): «والمغضوب عليه ضال عن هداية العمل, والضال مغضوب عليه لضلاله عن العلم الموجب للعمل, فكل منهما ضال مغضوب عليه, ولكن تارك الحق بعد معرفته أولي بوصف الغضب وأحق


(١) انظر: «تفسير الطبري» ١٩٥:١, «تفسير ابن كثير» ٥٧:١ - ٥٨
(٢) سورة المائدة, الآية: ٨٢.
(٣) في «مدارج السالكين» ٣٣:١ - ٣٤, وانظر «التفسير القيم» ص١١, «بدائع الفوائد» ٢٩:٢ - ٣٢, «تفسير ابن كثير» ٥٨:١.

<<  <   >  >>