للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به, ومن هنا كان اليهود أحق به, وهو متغلظ في حقهم. ,والجاهل بالحق أحق باسم الضلال, ومن هنا وصف النصارى به ...».

وقد ذكر ابن القيم (١) من الوجوه في تقديم المغضوب عليهم على الضالين أن اليهود متقدمون على النصارى من حيث الزمان, وأنهم كانوا هم الذين يلون النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتابين لأنهم كانوا في المدينة أما النصارى فكانت ديارهم نائية, ولأنه تقدم ذكر المنعم عليهم والغضب ضد الإنعام والسورة هي السبع المثاني يذكر فيها الشيء وضده.

وكل من كان عنده علم فلم يعمل به, بل اتبع هواه, وجانب شرع الله عن علم وبصيرة ومعرفته ففيه شبه من اليهود, ومتوعد بالغضب بقدر معصيته, وله منه نصيب بقدر شبهه فيهم.

وكل من عبد الله على جهل وضلال- معذور بجهله- به شبه من النصارى وموصوف بالضلال على قدر معصيته, وله نصيب منه بقدر شبهه فيهم. ولهذا كان السلف- رضي الله عنهم يقولون «من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود, ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى» (٢).

وما أكثر من تشبه باليهود وبالنصارى من هذه الأمة. وصدق المصطفي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: «لتتبعنَّ سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعًا بذراع, حتى لو دخلوا جحر ضب لا تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله اليهود


(١) انظر «بدائع الفوائد» ٣٣:٢.
(٢) المصدر السابق ٣٢:٢.

<<  <   >  >>