للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيطاننا المغوي عدو فاعتصم ... بالله منه والتجى وتعوذ

وعدوك الإنسان دار وداده ... تملكه وادفع بالتي فإذا الذي

فشيطان الإنس، قد ينفع فيه العفو، أو الأمر بالمعروف، أو الإعراض، أو الإحسان. أما شيطان الجن، فلا يعصم منه إلا الاستعاذة بالله منه، لأن شيطان الجن متسلط، لا يريد إلا إغواء الإنسان، وإهلاكه، وهو خفي لا يرى كما قال تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} (١). ولأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، كما قال - صلى الله عليه وسلم - «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» (٢).

فامره خطير، وكيده عجيب (٣)، فهو يتدرج بالإنسان - إن وجد سبيلًا إليه - حتى يوقعه بالكفر ويكبه في النار. قال تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ} (٤)، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} (٥).

وإن لم يستطيع إيصاله إلى الكفر، بل إلى أعظم دركاته، فإنه


(١) سورة الأعراف، الآية: ٢٧.
(٢) أخرجه البخاري في الاعتكاف، وفي بدء الخلق حديث ٢٠٣٥، ٢٠٣٨، ٢٠٣٩، ٣٢٨١، ومسلم - في السلام - حديث ٢١٧٥ من حديث صفية في قصة مجيئها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو معتكف وخروجه معها ليوصلها إلى البيت، وأخرجه - أيضًا - مسلم من حديث أنس حديث ٢١٧٤.
(٣) من أجود ما ألف في مكايد الشيطان ما كتبه ابن القيم في كتابه «إغاثة اللهفان» ١: ١٦٣ وما بعدها. وانظر «التفسير القيم» ص ٦٠٩ - ٦١٤. وانظر «تلبيس إبليس» لابن الجوزي.
(٤) سورة الحشر، الآية: ١٦.
(٥) سورة مريم، الآية: ٨٣.

<<  <   >  >>