للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يكف حتى يوصله إلى أقصى حد يمكنه إيصاله إليه، ولو كان دون الكفر، فيوقعه في البدعة، فإن لم يستطع أوقعه في الكبائر، فإذ لم يستطع أوقعه في الصغائر، فإن لم يستطع ثبطه عن الطاعات وشغله بالمباحات، فإن لم يستطع شغله بالمفضول عن الفاضل، فإن لم يستطع ذلك أتاه من باب الإعجاب والكبر والرياء، وهذا - في الغالب - مدخله على كثير من العباد والعلماء وذوي الجاه والسلطان والكرم والشجاعة ونحوهم، فليحذر العاقل اللبيب، من ذلك فإن الشيطان عندما يعجز عن حمله على ترك واجب أو انتهاك محرم ظاهر، فإنه يأتيه من هذا المدخل الخفي فيحبط عمله، وهو لا يدري. فإن لم يدرك منه شيئًا من هذه المراتب وأعيته فيه الحيل سلط عليه حزبه من شياطين الإنس والجن يبدعونه ويفسقونه ليشوش عليه قلبه ويمنع الناس من الانتفاع به فيبقى في مدافعة وتسلط هؤلاء الشياطين لا يفتر جتى يأتيه من ربه اليقين (١).

ب- الشيطان أعظم ضررًا على الإنسان من النفس «المذمومة» (٢)، بل إن النفس المذمومة كل ما يحصل منها من شر وفساد، إنما هو بسبب تزيين الشيطان، ووسوسته، لأنها مركب الشيطان، والأداة لتنفيذ شره، ولهذا أكثر الله في القرآن الكريم من ذكر الشيطان، وذمه، والتحذير منه، في مواضع كثيرة جدًا. وأمر بالاستعاذة منه عند قراءة القرآن. بينما ذكر النفس المذمومة في ثلاثة مواضع فقط، في قوله -


(١) انظر «بدائع الفوائد» ١: ٢٦٠ - ٢٦٢.
(٢) انظر «إغاثة اللهفان» ١: ١٤٥.

<<  <   >  >>