للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على هذا القول على الإجازة ما لم يردها الواهب أو ورثته بعده قبل فواتها بإنقضاء أمد الشرط وهو موت الموهوب له الذي حجر عليه الهبة والبيع طول حياته، وهو قول أصبغ بعد (١) هذا من سماعه.

والقول الثالث: أن الشرط باطل والهبة جائزة وهذا القول يأتي على ما في المدونة في الذي حبس الدار على ولده واشترط أن ما احتاجت إليه من مرمتها عليهم أن الدار تكون حبساً، ولا يلزمهم ما شرط عليهم وتكون مرمتها من غلتها (٢). وقد قال ابن المواز: إنما ذلك إذا حيز الحبس وفات بموت المحبس، وأما قبل ذلك فيرد إلا أن يسقط الذي حبسها شرطه، وتأويله بعيد في اللفظ غير صحيح في المعنى لأنه إذا جعل للمحبس حقاً في شرطه وجب أن ينزل ورثته منزلته فيه.

القول الرابع: أن الشرط عامل والهبة ماضية فتكون الصدقة بيد المتصدق عليه بمنزلة الحبس لا يبيع ولا يهب حتى يموت، فإن مات ورث عنه على سبيل الميراث، وهو قول عيسى بن دينار (٣) في هذه الرواية، وقول

مطرف في الواضحة، وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب لأن الرجل له أن يفعل في ماله ما شاء إن شاء بتله للموهوب أبداً، أو المتصدق عليه من الآن، وإن شاء أعطاه المنافع طول حياته، وجعل المرجع بعد موته له يقضي منه دينه ويرثه عنه ورثته لما له في ذلك من الغرض أن يستديم الإنتفاع بما وهبه، ويرى أثر هبته عليه.


(١) عبارة - م - بعدها.
(٢) أنظر المدونة جـ ١٥ ص ١٠٤، ١٠٥.
(٣) هو أبو محمد عيسى بن دينار بن وهب القرطبي الفقيه العابد الفاضل النظار القاضي العادل المجاب الدعوة انتشر علم مالك بالأندلس به وبيحيى بن يحيى، لم يسمع من مالك، وسمع ابن القاسم واقتصر عليه فإعتلت في الفقه منزلته، وله عشرون كتاباً في سماعه عنه. له تأليف في الفقه يسمى كتاب الهدية كتب به إلى بعض الأمراء قال ابن عتاب وكتاب الجدار من كتاب الهدية، وكتب إلى ابن القاسم في رجوعه عما رجع عنه من كتاب أسد بن الفرات فيما بلغه، وسأله أعلامه بذلك فكتب إليه ابن القاسم (أعرضه على عقلك فما رأيته حسناً فأمضيه، وما أنكرته فدعه) وهذا يدل على ثقة ابن القاسم بفقهه أخذ عنه ابنه إبان وغيره مات ببلدة طليطلة سنة اثنتي عشرة ومائتين أنظر ترجمته في الديباج جـ ٢ ص ٦٤ وما بهدها، وشجرة النور الزكية جـ ١ ص ٦٤، وترتيب المدارك جـ ٤ ص ١٠٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>