للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليست ما موصولة اسم إن وأنا خبرها؛ إذ لا ضرورة فى العدول عن لفظ من إلى لفظ ما.

===

مالك: إن الضرورة هى ما لا مندوحة ولا مخلص للشاعر عنه، وأما إن بنى على أنها ما وقع فى الشعر مطلقا كان للشاعر عنه مندوحة أم لا لم يتم، وهذا الثانى هو الذى اختاره الدمامينى فى شرح المغنى ورد ما قاله ابن مالك باقتضائه عدم تحقق الضرورة دائما أو غالبا؛ لأن الشعراء قادرون على تغيير التراكيب والإتيان بالأساليب المختلفة فلا يتحقق تركيب مفيد لا مندوحة له عنه.

بقى شىء آخر وهو أن ما جعل دافعا للضرورة يلزم عليه عطف مثلى على فاعل أدافع من أنه لا يصح أن يقال أدافع مثلى؛ لأن المضارع المبدوء بالهمزة لا يرفع الظاهر إلا أن يقال: يغتفر فى التابع مالا يغتفر فى المتبوع كما قيل فى قوله تعالى:

اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (١) أو أن مثلى فاعل فعل محذوف أى: أو يدافع مثلى وهو من عطف الجمل

(قوله: وليست ما موصولة) هذا جواب عن منع وارد على استشهاد المتن بالبيت وهو أن يقال: عندنا وجه يوجب فصل الضمير من غير تقدير كون إنما بمعنى ما وإلا، وحينئذ فلا يتم هذا الشاهد على المراد وهو أن تجعل ما موصولة وأنا خبرها وجملة يدافع عن أحسابهم صلتها والمعنى حينئذ أن الذى يدافع عن أحسابهم أنا كما تقول: إن الذى ضرب زيدا أنا فيفيد الكلام الحصر بتعريف الجزأين كما فى قراءة إنما حرم عليكم الميتة بالرفع ويكون فصل الضمير لكونه خبرا وليس مرفوعا بالفعل حتى يكون مفصولا عنه، وحاصل الجواب أن المقام مقام افتخار فلا يناسبه التعبير بما التى هى لغير العاقل مع إمكان التعبير بمن واستقامة الوزن فلا وجه للتعبير من البليغ بما فى موضع من، وأيضا لو كانت موصولة لكتبت مفصولة عن إن وأيضا الموافق لما قبله أعنى قوله أنا الذائد أن لا يكون أنا فى قوله وإنما يدافع إلخ خبرا فإن أنا فى الأول مسند إليه، لأنه مبتدأ مقدم

(قوله: إذ لا ضرورة إلخ) أى: وإذا كان لا ضرورة فى العدول علم أنه لم يقصد هذا المعنى وإنما قصد ما يدافع إلا أنا، فقد أفادت إنما القصر


(١) البقرة: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>