للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو طلب الإقبال بحرف نائب مناب أدعو ...

===

وأجيب بأن مراد الشارح عدم صحة مثل قولنا: أتضرب زيدا فهو أخوك على أن تكون الفاء تعليلا للنفى الضمنى، والشاهد بذلك هو الذوق السليم- كما ذكره العلامة السيد فى شرح المفتاح، ولا نقض لذلك بقول أبى تمام لجواز أن تكون الفاء فيه تعليلا للنفى المقدر أى: لا حاجة إلى إرشادك؛ لأن عقلى مرشدى كما ذكروا مثله فى قوله تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ (١) حيث قالوا: التقدير لا جدوى للتحسر، وقوله: فإن الله يضل من يشاء- تعليل لهذا المقدر، هذا وقد علل السيد فى شرح المفتاح عدم جواز كون الفاء فى قوله تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ (٢) للتعليل؛ لأنه ليس بمعنى الماضى فلا يصح أن يعلل به ما هو ماض- وفيه بحث- إذ يكفى فى صحة التعليل استفادة الدوام من الجملة الاسمية التى خبرها صفة مشبهة بمعونة المقام لشموله الماضى على أن القرينة قائمة بأن مصب الإنكار اتخاذ غير الله وليا من غير تقييد بزمان- فتدبر. اه فنرى.

[ومن أنواع الطلب: النداء.]

(قوله: وهو طلب الإقبال) أى: طلب المتكلم إقبال المخاطب حسا أو معنى، فالأول: كيا زيد، والثانى نحو: يا جبال، ويا سماء، والمراد الطلب اللفظى؛ لأنه هو الذى من أقسام الإنشاء

(قوله: بحرف) الباء للآلة

(قوله: نائب مناب أدعو) أى: ولكون الحرف نائبا مناب أدعو لا يجزم الفعل بعده جوابا، ولا يقال: إن فيه دلالة على طلب الإقبال، فكأنه قيل: أقبل وحينئذ فيجزم الفعل فى جوابه؛ لأنا نقول: مفاد الحرف ومدلوله أدعو، وأما الإقبال فهو مطلوب باللزوم؛ لأن الإنسان إنما يدعى للإقبال فليس فيه ما هو كالتصريح بالشرط كما فى الطلب السابق بخلاف ما لو صرح بالفعل، فقيل:

أقبل جاز جزم الفعل جوابا بأن يقال مثلا: أعلمك، ومن هذا تعلم أن الشىء الضمنى ليس كالصريح. اه يعقوبى.


(١) فاطر: ٨.
(٢) الشورى: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>