للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والمرسل) وهو ما كانت العلاقة غير المشابهة (كاليد) الموضوعة للجارحة المخصوصة إذا استعملت (فى النعمة) لكونها بمنزلة العلّة الفاعلية للنعمة؛ لأن النعمة منها تصدر، وتصل إلى المقصود بها (و) كاليد فى (القدرة) ...

===

[[الكلام فى المجاز المرسل]]

(قوله: كاليد فى النعمة) أى: كلفظ اليد إذا استعمل فى النعمة مثل: كثرت أيادى فلان عندى، وجلت يده لدى، ورأيت أياديه عمّت الوجود، فإطلاق اليد على النعمة فيما ذكر مجاز مرسل من إطلاق اسم السبب على مسببه؛ لأن اليد سبب فى صدور النعمة ووصولها إلى الشخص المقصود بها

(قوله: لكونها) أى: اليد بمعنى الجارحة لا بمعنى اللفظ ففيه استخدام.

(قوله: بمنزلة العلّة الفاعلية) أى: لكون الإعطاء صدر منها وإنما لم تكن علّة فاعلية حقيقة؛ لأن العلة الفاعلية فى الحقيقة الشخص المعطى واليد آلة للإعطاء- كذا قرر بعض الأشياخ، وفى ابن يعقوب: أن العلاقة فى إطلاق اليد على النعمة كون اليد كالعلّة الفاعلية للنعمة من جهة أن العلة الفاعلية يترتب عليها وجود المفعول كما يترتب وصول النعمة إلى المقصود بها على حركة اليد، ويترتب وجودها بوصف كونها نعمة على حركة اليد والوصول للغير بالفعل، ولا شكّ فى تحقق الملابسة بين العلّة الفاعلية ومفعولها المقتضية للانتقال، وكذا ما هو مثلها فى الترتب، فإن المترتب على الشىء ينتقل الذهن منه إليه، وإنما قلنا هو كالعلة الفاعلية ولم نقل نفس العلّة؛ لأن المرتب عليه وصف آخر غير اليد وهو حركتها لا نفسها، والمترتب أيضا وصول النعمة واتصافها بكونها نعمة لا نفس وجودها، فالعلاقة هنا ترجع إلى السببية الفاعلية

(قوله: وكاليد فى القدرة) أى: وكاليد إذا استعملت فى القدرة كما فى قولك: للأمير يد أى: قدرة، فإن استعمالها فيها مجاز مرسل؛ وذلك لأن آثار القدرة تظهر باليد غالبا مثل الضرب والبطش والقطع والأخذ والدفع والمنع، فينتقل من اليد إلى الآثار الظاهرة بها ومن الآثار إلى القدرة التى هى أصلها، فهى مجاز عن الآثار من إطلاق اسم السبب على المسبب والآثار يصح إطلاقها مجازا على القدرة من إطلاق اسم المسبب على السبب، ولا مانع

<<  <  ج: ص:  >  >>