للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عله تقديمه علي البيان]

قدمه على البيان لكونه منه بمنزلة المفرد من المركب؛ ...

===

فامنعه حين يستوى الجزءان ... عرفا ونكرا عادمى بيان

ثم إن الفن عبارة عن الألفاظ أى: القضايا الكلية؛ لأنه جزء من المختصر الذى هو اسم للألفاظ المخصوصة على ما سبق فى قوله: رتب المختصر على مقدمة وثلاثة فنون، والعلم يحتمل أن يراد به الملكة، ويحتمل أن يراد به القواعد كما سيأتى ذلك قريبا للشارح، فعلى أن المراد بالعلم: القواعد والأصول التى هى قضايا كلية، فالحمل صحيح؛ لأنه من حمل الألفاظ على الألفاظ، وعلى أن المراد بالعلم الملكة فالحمل غير صحيح؛ لأن الخبر غير المبتدأ، وقد يجاب بأن الحمل من باب الإسناد المجازى لما بين الألفاظ أى: القضايا الكلية التى هى الفن، والملكة من العلاقة الشديدة لحصولها بمزاولتها، ولا يرد أن الإسناد المجازى عند المصنف خاص بإسناد الفعل أو ما فى معناه لغير ما هو له، فخرج إسناد الخبر الجامد لغير ما هو له، فلا يكون مجازا عقليا؛ لأن الصحيح خلافه كما يأتى، وما ذكره العلامة الحفيد وتبعه الغنيمى من أن العلم عبارة عن المعانى والحمل غير صحيح، وأجابا بأن الإسناد مجازى أو يجاب كما ذكره غيرهما بتقدير مضاف، إما فى الأول أى مدلول الفن الأول: علم المعاني، أو فى الأخير أى:

الفن الأول. دال علم المعاني، فهذا ينبو عنه حمل الشارح العلم على الملكة، أو على الأصول والقواعد، وقوله بعد ذلك ينحصر فى ثمانية أبواب: من انحصار الكل فى أجزائه، إذ من المعلوم أن الأبواب الثمانية ألفاظ، فإذا كانت الأجزاء ألفاظا وقضايا- كان الكل، وهو علم المعانى كذلك. فتأمل ذلك.

(قوله: قدمه على البيان) لم يقل على علم البيان مع أنه أنسب بكلام المتن، حيث قال سابقا: وما يحترز به عن التعقيد المعنوى علم البيان، إشارة إلى أن العلم المعانى والبيان، وإضافة العلم فى مثل ذلك لما بعده من إضافة العام إلى الخاص، فقد عدل عن مراعاة النكتة اللفظية وهى المجانسة اللفظية لمراعاة تلك النكتة المعنوية

(قوله: لكونه منه إلخ) حاصله أن ثمرة علم المعاني، وهى رعاية المطابقة لمقتضى الحال يتوقف عليها ثمرة علم البيان، وهى إيراد المعنى الواحد بطرق متعددة مختلفة الدلالات فى الوضوح

<<  <  ج: ص:  >  >>