للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الحمد) ...

===

على المنطق بل تحصل بمجرد توجه القلب، وحينئذ فتكون خبرية باعتبار العجز أيضا، وقد يقال: يمكن أن يتوجه الإنسان بقلبه لأسماء الله تعالى ويستعين بها فتكون خبرية حتى على جعل الإضافة بيانية، والأظهر أن يقال: إنه إن أريد الاستعانة القلبية كانت خبرية باعتبار العجز كانت الإضافة بيانية أو حقيقية، وإن أريد الاستعانة اللفظية كانت إنشائية لا فرق بين أن تكون حقيقية أو بيانية؛ هذا ويمكن جعلها خبرية باعتبار العجز على أن الإضافة بيانية بناء على أنه مخبر عن استعانة حاصلة بهذا اللفظ كما فى قولك:

" أتكلم" فإنه إخبار عن كلام حاصل بهذا اللفظ، ولا يقال: إن الخبر ما تحقق مدلوله بدون اللفظ به، وأجيب بأنه ليس المراد من ذلك أن الخبر دائما مدلوله متحقق بدون اللفظ به بل المراد أن مدلوله لا يتوقف على النطق به دائما، وهذا لا ينافى أنه قد يتحقق مدلوله به.

[[القول فى الحمد]]

(قوله: الحمد) ترك العطف على كون جملة البسملة إنشائية وجملة الحمد خبرية أو العكس ظاهر؛ لأن بينهما حينئذ كمال الانقطاع، وأما على أنهما متفقان فى الخبرية أو الإنشائية فترك العطف إشارة إلى أن كلا من الجملتين مقصود بالذات وليست إحداهما تابعة للأخرى ثم إن كون هذه الجملة صيغة حمد ظاهر إن قلنا إنها إنشائية أى لإنشاء الثناء على الله بأنه مالك لجميع المحامد الكائنة من الخلق، وأما إن قلنا: إنها خبرية أى إنها للإخبار بأن الله مالك لذلك فجعلها صيغة حمد مشكل؛ لأن الإخبار بثبوت شيء للغير لا يستلزم حصول ذلك الشيء من المخبر، فقولك القيام لزيد لا يلزم من ذلك أن يكون قائما، وحينئذ فلا يلزم من الإخبار بثبوت الحمد أن يكون المصنف حامدا مع أن المطلوب منه أن يحمد الله فى الابتداء، وأجيب بأجوبة، منها: أن هذه الجملة خبرية فى الأصل ثم نقلت شرعا للإنشاء بمضمونها كما فى صيغ العقود نحو" بعت" و" آجرت"؛ فإنها أخبار فى الأصل ثم نقلت شرعا لإنشاء مضمونها فهو حمد شرعى يترتب عليه ما يترتب على الحمد اللغوى من الثواب والخروج عن عهدة الطلب، ولا يقال: هذا ظاهر إذا لم تجعل" أل" للاستغراق، إذ لا يتأتى إنشاء جميع المحامد؛ لأنا نقول المستحيل إنما هو إنشاء جميع المحامد لغة بصيغ متعددة

<<  <  ج: ص:  >  >>