للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطّير أغربة عليه (١)

أى: باكية وقد استوفينا ذلك فى الشرح.

[هل الاستعارة مجاز لغوى أم عقلى]

واعلم أنهم قد اختلفوا فى أن الاستعارة مجاز لغوى، أو عقلى؛ ...

===

كما قيل فى قوله تعالى: ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) فإن" بمجنون" متعلق بما فيها من معنى الفعل أى: انتفى ذلك بنعمة ربك، وكذا يقال هنا: المعنى أنت تشبه الأسد بالنسبة إلى، وحذف ما يتعلق به الجار والمجرور شائع

(قوله: والطير أغربة عليه .. إلخ) هذا بعض بيت لأبى العلاء المعرى من قصيدة يرثى بها الشريف الطاهر الموسوى مطلعها:

أودى فليت الحادثات كفاف ... حال المسيف وعنبر المستاف (٣)

وتمام البيت المذكور فى الشرح:

... بأسرها ... فتح السّراة وساكنات لصاف

أودى أى: هلك وفاعله حال المسيف، وكفاف: اسم معدول مثل قطام أى: ليت الحادثات تكف الأذى، واستاف الرجل إذا ذهب ماله، والفتح بالضم: جمع فتحاء من الفتح وهو اللين يقال: عقاب فتحاء؛ لأنها إذا انحطت كسرت جناحها وهذا لا يكون إلا من اللين. والسراة بفتح السين المهملة: جبال باليمن يكون فيها هذا وغيره، وبضم الشين المعجمة جبال بالشام، ولصاف: جبل طيئ، والشاهد فى قوله: " والطير أغربة عليه" فإنه ليس المراد بالأغربة الطير المعروف، إذ لا معنى له هنا، بل المراد الطير باكية عليه، فعليه متعلق بأغربة وهى فى الأصل اسم للطير المعروف وهو جامد، ولا يصح تعلق الجار به، فاستعمله الشاعر فى الباكية فصح تعلق الجار به، وإنما نقل لفظ الأغربة إلى معنى الباكية؛ لأن الغراب يشبه به الباكى الحزين، إذ يزعمون أن الغراب يعلم بالموت ومن لازم ذلك التحزن وعلى ما قال المصنف فالمعنى: أن كل الطيور فى الحزن على ذلك المرثى مثل الأغربة الباكية عليه

(قوله: واعلم .. إلخ) أشار الشارح بهذا إلى أن كلام المصنف مرتب على محذوف

(قوله: أو عقلى) أى: لا بمعنى الإسناد إلى غير من هو له، بل بالمعنى الآتى.


(١) بعض بيت لأبى العلاء المعرى من قصيدة يرثى بها الشريف الطاهر الموسوى؛ مطلعها:
أودى فليت الحادثات كفاف ... حال المسيف وعنبر المستاف.
(٢) القلم: ٢.
(٣) لأبى العلاء المعرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>