للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا دواء له أنجع من شرب دم ملك كما قال الحماسى: (١)

بناة مكارم وأساة كلم ... دماؤكم من الكلب الشفاء

ففرع على وصفهم بشفاء أحلامهم من داء الجهل وصفهم بشفاء دمائهم من داء الكلب يعنى أنهم ملوك وأشراف وأرباب العقول الراجحة.

[[تأكيد المدح بما يشبه الذم]]

(ومنه) أى ومن المعنوى (تأكيد المدح بما يشبه الذم ....

===

فيحصل له بسبب ذلك الكلب الذى هو داء يشبه الجنون، فيصير ذلك الكلب بعد ذلك كل من عضه يحصل له ذلك الداء بإذن الله تعالى

(قوله: ولا دواء له) أى لذلك الداء بعد ظهوره أنجع أى أنفع وأكثر تأثيرا فيه من شرب دم ملك، قيل بشرط كون ذلك الدم من إصبع من أصابع رجله اليسرى فتؤخذ منه قطرة على تمرة وتطعم للمعضوض يجد الشفاء بإذن الله، وقيل دم الملوك نافع لذلك الداء مطلقا أى من أى محل كان، ولهذا كانت الحكماء توصى الحجامين بحفظ دم الملوك لأجل مداواتهم هذا الداء به.

(قوله: بناة مكارم) البناة بضم الباء جمع بان، الأساة بضم الهمزة جمع آس وهو الطبيب مأخوذ من الأسى بالفتح والقصر وهو المداواة والعلاج، والكلم الجراحات والجمع كلوم، أى: أنتم الذين تبنون المكارم وترفعون أساسها بإظهارها، وأنتم الذين تؤاسون أى تطبقون الكلم أى جراحات القلوب وجراحات الفاقة وغيرها، وأنتم الذين دماؤكم تشفى من الكلب لشرفكم وكونكم ملوكا

(قوله: ففرع على وصفهم بشفاء أحلامهم من داء الجهل وصفهم بشفاء دمائهم من داء الكلب) قال الفنرى: أراد بالتفريع التعقيب الصورى والتبعية فى الذكر كما ينبئ عنه لفظ الوصف، لا أن شفاء الدماء من الكلب متفرع فى الواقع على شفاء أحلامهم لسقام الجهل، إذ لا تفريع بينهما فى نفس الأمر أصلا، فلا يرد أن التشبيه فى قوله (كما دماؤكم) يدل على أن أمر التفريع على عكس ما ذكره الشارح، إذ المشبه به أصل والمشبه فرع فلا حاجة إلى اعتبار


(١) البيت للحماسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>