للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع (١)

[[المشاكلة]]

(ومنه) أى: ومن المعنوى (المشاكلة، وهى ذكر الشىء بلفظ غيره لوقوعه) أى: ذلك الشىء (فى صحبته) أى: ذلك الغير ...

===

(قوله: إذا لم تستطع شيئا إلخ) أى: فقوله: إذا لم تستطع إرصاد؛ لأنه يدل على أن مادة العجز من مادة الاستطاعة المثبتة، إذ لا يصح أن يقال: إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما لا تستطيع، أو جاوزه إلى كل ما تشتهى، أو إلى فعل ما تعرض لك إرادته ولو كنت لا تستطيعه، أو نحو ذلك، والذوق السليم شاهد صدق على ذلك، ومعرفة الروى تدل على أن تلك المادة تختم بعين قبلها ياء، وليس ذلك إلا لفظ تستطيع وهو ظاهر.

[[المشاكلة]]

(قوله: ذكر الشىء) أى: كالخياطة فى المثال الآتى (وقوله: بلفظ غيره) أى:

كلفظ الطبخ لوقوع الخياطة فى صحبة الطبخ، وكما لو قيل لك: أسقيك ماء فقلت: بل اسقنى طعاما فقد ذكرت الإطعام بلفظ السقى لوقوعه فى صحبة السقى، ثم إن المتبادر من المصنف أن المشاكلة مجاز لغوى؛ لأنها كلمة مستعملة فى غير ما وضعت له لعلاقة بناء على أن اللام فى قوله: لوقوعه فى صحبته تعليلية، وأن الوقوع المذكور من العلاقات المعتبرة لرجوعها للمجاورة كما سيأتى بيانه، وعليه فقوله: ذكر الشىء بلفظ غيره شامل لجميع المجازات والكنايات (وقوله: لوقوعه فى صحبته) مخرج لما سوى المشاكلة، والقوم وإن لم ينصوا على أن الوقوع فى الصحبة من العلاقات فقد نصوا على ما يرجع إليه وهو المجاورة، فإن قلت: إن وقوع الشىء فى صحبة غيره متأخر عن الذكر فكيف يكون علة للذكر؟ قلت: المراد بالوقوع فى الصحبة قصد المتكلم الوقوع فى الصحبة، والقصد متقدم على الذكر، وقيل: المشاكلة قسم ثالث لا حقيقة ولا مجاز، أما كونها غير حقيقة فظاهر؛ لأن اللفظ لم يستعمل فيما وضع له، وأما كونها غير مجاز فلعدم العلاقة المعتبرة؛ لأن الوقوع فى الصحبة ليس من العلاقة ولا يرجع إلى المجاورة المعتبرة


(١) البيت من شعر عمر بن معد يكرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>