للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشكر ...

===

من التعدد، وفى هذا الجواب نظر؛ لأنه ينافى جعل" سواء" بمعنى مستو؛ لأن مستو إنما يخبر به عن الواحد، تقول: زيد مستو مع عمرو، ولا يخبر به عن متعدد، فلا تقول: زيد وعمرو مستو، بل مستويان، وأجيب بأن الإخبار بحسب الظاهر؛ لأن سواء فى الأصل مصدر بمعنى الاستواء فيصح الإخبار به عن الاثنين؛ لأن المصدر يقع على القليل والكثير، وإن أريد به هنا اسم الفاعل، ويصح بقاء" أو" على بابها، وصح الإخبار نظرا للمعنى المراد أى: أحد التعلّقين مستو مع الآخر، وإنما جعلنا" سواء" خبرا، والمصدر بعده مبتدأ دون العكس؛ لأن" سواء" نكرة من غير مسوغ، والمقصود الإخبار عن التعليقين بالاستواء لا العكس، ويجوز جعل" سواء" خبرا لمبتدأ محذوف أى: الأمران سواء والجملة دليل الجواب، والجملة بعدها شرطية على جعل همزة الاستفهام المحذوفة مضمنة معنى" إن" الشرطية لاشتراكهما فى الدلالة على عدم الجزم، والتقدير: إن تعلق بالنعمة أو بغيرها فالأمران سواء، ويجوز أن تكون" سواء" بمعنى مستو مبتدأ، والمصدر المأخوذ من الفعل فاعل سدّ مسد الخبر على مذهب من لم يشترط الاعتماد، والمسوغ للابتداء العمل، فالأوجه فى هذا التركيب ثلاثة، ويجوز وجه رابع، وهو جعل سواء بمعنى مستو خبرا مقدما والفعل بعده مبتدأ مؤخرا؛ لأنه مجرد عن النسبة أو الزمان، فحكمه حكم المصدر، والهمزة مقدرة بعد" سواء"، وهى مجردة عن الاستفهام لمجرد التسوية، وكأنه قيل: تعلقه بالنعمة أو بغيرها مستو، ويقال على هذا سؤالا وجوابا مثل ما قيل على الأول.

[[الكلام فى الشكر]]

(قوله: والشكر) أى: لغة وأما اصطلاحا؛ فهو صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه به من سمع وبصر وغيرهما إلى ما خلق لأجله، أى: صرفها بحسب الطاقة البشرية لا مطلق صرف، ولذا قال تعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (١) وإنما عرف الشكر مع أنه لم يذكر فى المتن؛ لأنه أخو الحمد، ولم يعرف المدح كأنه مراعاة لما قال


(١) سبأ: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>