للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إما تشبيه مركب بمفرد؛ ]

(وإما تشبيه مركب بمفرد؛ كقوله (١): ...

===

على الرماح الزبرجدية، والمفرد المقيد ما كان مقيدا بقيد كالراقم المقيد بكون رقمه على الماء والمرآة بقيد كونها فى كف الأشل، ففى المركب يكون المقصود بالذات الهيئة والأجزاء المنتزع منها تبع للتوصل بها إليها بخلاف المقيد، فإن أحد الأجزاء مقصود بالذات والباقى بالتبع، وحينئذ فالاحتياج للتأمل إنما هو بالنظر للتراكيب والموادّ المحتوية على التشبيه الواردة على الإنسان، وأن تمييز كون هذا المشبه الذى فيها أو المشبه به من قبيل المفرد المقيد، أو من قبيل المركب يحتاج لتأمل؛ لأن القيود معتبرة فى كل من الأمرين ولا حاكم فى تمييز أحدهما عن الآخر عند الالتباس سوى ذكاء الطبع وصفاء القريحة، والحاصل: أن التفرقة بينهما لا تكون باعتبار التركيب اللفظى لاستوائه فيهما غالبا وإنما تكون باعتبار قصد المتكلم الهيئة بالذات والأجزاء تبع أو باعتبار قصد جزء من الأجزاء والربط بغيره تبع، والحامل على أحد القصدين وجود الحسن فيه دون الآخر فإدراك وجود الحسن المقتضى لأحد الأمرين إنما المحكم فيه الذوق السليم وصفاء القريحة وهذه التفرقة بينهما باعتبار المتكلم، وأما السامع فيفرق بينهما باعتبار القرائن الدالّة على أن المتكلم قصد الهيئة، أو قصد جزءا مرتبطا بغيره، أو باعتبار أنه لو استعمل ذلك التشبيه لم يطابق ذوقه وطبعه إلا ذلك الوجه المقتضى للتقييد، أو عدمه المقتضى للتركيب، ومن المعلوم أن الأذواق لا تجرى على نسق واحد لعدم انضباطها، فلذا قيل:

إن التفرقة بين المركب والمقيد أحوج شىء إلى التأمل أى: احتياجها للتأمل أشد من احتياج غيرها إليه لدقتها، واحتياجها للتأمل بالنسبة للمتكلم والسامع، أما المتكلم فمن حيث التعبير عنها، وأما السامع فمن حيث إدراكها من كلام البلغاء، وإنما كان التعبير عنها صعبا، لأنها من الذوقيات والتعبير عن الذوقيات صعب وإدراكها من التعبير كذلك- فتأمل.

(قوله: كقوله) أى: قول أبى تمام من قصيدة من الكامل يمدح بها المعتصم أوّلها:

رقّت حواشى الزّهر فهى تمرمر ... وغدا الثّرى فى حليه يتكسّر


(١) البيتان لأبى تمام من قصيدة يمدح فيها المعتصم، ديوانه ٢/ ١٩٤، والإشارات ص ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>