للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (بلفظ فصيح) ليعم المفرد والمركب، أما المركب فظاهر، وأما المفرد فكما نقول عند التعداد: دار، غلام، جارية، ثوب، بساط، إلى غير ذلك.

[بلاغة الكلام]

(والبلاغة فى الكلام مطابقته لمقتضى الحال ...

===

وحاصل الجواب أنه إنما لم يقل: بكلام، بل قال: بلفظ لئلا يتوهم أنه يجب فى فصاحة المتكلم القدرة على التعبير عن كل مقصود له بكلام فصيح، وهذا محال؛ لأن من المقاصد ما لا يمكن التعبير عنه إلا بالمفرد، كما إذا أردت أن تلقى على الحاسب أجناسا مختلفة ليرفع حسابها أى: ليذكر عددها فتقول: دار إلخ، فعبر بلفظ ليعم المفرد والمركب

(قوله: فظاهر) أى: لكثرة أفراده بخلاف المفرد، فإنه ليس له إلا صورة واحدة، فلذا مثل لها بقوله: فكما تقول إلخ.

(قوله: مطابقته لمقتضى الحال) أى: فى الجملة. أى: مطابقته لأى مقتضى من المقتضيات التى يقتضيها الحال لا المطابقة التامة وهى مطابقته لسائر المقتضيات، إذ لا يشترط ذلك، فإذا اقتضى الحال شيئين كالتأكيد والتعريف مثلا فروعى أحدهما دون الآخر، كان الكلام بليغا من هذا الوجه، وإن لم يكن بليغا مطلقا، وحينئذ فتتحقق البلاغة بمراعاة أحدهما فقط، لكن مراعاتهما أزيد بلاغة؛ لأنها أزيد مطابقة لمقتضى الحال. كذا فى الفنرى وفى عبد الحكيم. أى: مطابقته لجميع ما يقتضيه الحال بقدر الطاقة كما صرح به فى التلويح، وفيه أنه يخرج عن التعريف بلاغة كلام البارى تعالى؛ لأن قدرته لا تقف عند حد فهى صالحة لأزيد مما وجد فى كلامه من المقتضيات، إلا أن يراد بقدر طاقة المتكلم أو المخاطب. اهـ كلامه.

إن قلت: إن هذا التعريف غير مانع لصدقه على الكلام المشتمل على التأكيد الذى يقتضيه الحال مثلا ولا قصد لقائله مع أنه ليس ببليغ لتصريحهم بوجوب القصد إلى الخصوصية فى الكلام البليغ، قلت: الإضافة فى قوله: مطابقة الكلام للكمال. أى:

المطابقة الكاملة وهى المقصودة، فقوله: لمقتضى الحال أى: لمناسب الحال لا موجبه الذى يمتنع تخلفه عنه، وإنما أطلق عليه مقتضى؛ لأن المستحسن كالمقتضى فى نظر البلغاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>