للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ضربان أفضلهما أن يستثنى من صفة ذمّ منفية عن الشىء صفة مدح) لذلك الشىء (بتقدير دخولها فيها) أى دخول صفة المدح فى صفة الذم ...

===

القلب، على أن الكاف فى مثله ليست للتشبيه بل لمجرد التعليل، كما قيل به فى قوله تعالى وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ (١) اه والحاصل أن المراد بتفرع الثانى على الأول، كونه ناشئا ذكره عن ذكر الأول حيث جعل الأول وسيلة للثانى أى كالتقدمة والتوطئة له، حتى إن الثانى فى قصد المتكلم لا يستقل عن ذكر الأول، وليس المراد بتفرعه عنه ترتبه عليه باعتبار الوجود الخارجى، إذ لا تفرع بينهما أصلا بهذا المعنى، خلافا لما فهمه بعضهم من أن المراد بتفرع الثانى عن الأول كونه مترتبا عليه وتابعا له فى الوجود ولو بحسب الادعاء، فيدعى هنا أن شرف العقل كاف فى ترتيب الشفاء من الكلب عليه، فورد عليه أن الكاف للتشبيه والمشبه به هو الأصل المتفرع عنه والمشبه هو الفرع، وحينئذ فالتشبيه يدل على أن أمر التفريع على عكس ما ذكره الشارح فأجاب بأن فى الكلام قلبا، والأصل دماؤكم تشفى من الكلب كما أن أحلامكم لسقام الجهل شافية، وهذا كله تكلف لا داعى له.

[[تأكيد المدح بما يشبه الذم]]

(قوله: وهو ضربان) فيه: أن المناسب لقوله بعد ذكر الضربين ومنه ضرب آخر أن يقول هنا وهو ضروب، إلا أن يقال إنه رأى أن الضربين هما الأكثر والأشهر فلم يتعرض للآخر هنا

(قوله: أفضلهما) أى: أحسنهما

(قوله: صفة مدح) نائب فاعل يستثنى

(قوله: بتقدير إلخ) أى: وإنما يستثنى صفة المدح من صفة الذم بتقدير دخولها فيها، أى بسبب تقدير المتكلم أن صفة المدح المستثناة داخلة فى صفة الذم المنفية، وليس المراد بالتقدير ادعاء الدخول على وجه الجزم والتصميم، بل تقدير الدخول على وجه الشك المفاد بالتعليق؛ لأن معنى الاستثناء كما يأتى أن يستثنى صفة المدح من صفة الذم المنفية على تقدير، أى فرض دخولها فيها إن كانت عيبا، هذا إذا كانت الباء على أصلها للسبيبة، فلو جعلت بمعنى على، وأن المعنى وإنما تستثنى صفة المدح من صفة الذم


(١) البقرة: ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>