للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأحسن مواقعها) أى: مواقع إنما (التعريض نحو: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١) فإنه تعريض بأن الكفار ...

===

التقديم، فإنه وإن أفادهما، لكن على سبيل الاحتمال؛ لأن الاسم المذكور يحتمل أن يكون معمولا للعامل المؤخر فيكون تقديمه مفيدا لهما، ويحتمل أن لا يكون معمولا للمؤخر، بل لشىء آخر مقدر فيكون مؤخرا فلا يفيدهما، وبخلاف الاستثناء فإنه وإن أفادهما، لكن إفادته موقوفة على المستثنى منه لا تحصل بدونه، فإن قلت: إن طريق العطف يعقل منه الحكمان معا كما فى نحو: جاء زيد لا عمرو كما فى الاستثناء: قلت:

لا نسلم أن طريق العطف كالاستثناء؛ لأن صورة العطف تحتمل الاستقلال، والاستثناء مرتبط بالمستثنى منه فيفيد الحكمين بواسطة ذلك الارتباط، وبيان ذلك أن قولك فى صورة العطف لا عمرو وإنما وضع لنفى الحكم عن عمرو بخلاف إلا زيد فى صورة الاستثناء، فإنه وضع للإخراج فلا بد من ملاحظة المخرج منه فيعقل الحكام معا، لكن تعلقهما معا فى إنما أقوى من تعلقهما معا فى النفى والاستثناء لعدم التوقف على شىء- فلذا خصت فى المتن بالذكر.

(قوله: وأحسن مواقعها) أى: مواضعها أى: المواضع التى تقع فيها، وقوله التعريض فيه أن التعريض هو استعمال الكلام فى معناه ملوحا به إلى غيره أى: ليفهم منه معنى آخر، ولا شك أن الاستعمال المذكور ليس موضعا لإنما تقع فيه فلا بد من تقدير مضاف أى: ذو التعريض وهو الكلام المستعمل فى معناه ليلوح بغيره، وذكر الناصر اللقانى: أن التعريض يطلق على نفس الكلام المستعمل فى معناه ليلوح بغيره، وعلى هذا فلا حاجة للتقدير، وإنما كان التعريض أحسن مواقعها؛ لأن إفادة الحكم الذى شأنها أن تستعمل فيه لأيهم المخاطب لكونه معلوما أو من شأنه العلم بخلاف المعنى الآخر الملوح إليه فإنه أهم لكون المخاطب جاهلا به مصرا على إنكاره

(قوله: نحو إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أى: إنما يتعقل الحق أصحاب العقول، فنحن نجزم بأنه ليس المراد من هذا الكلام


(١) الرعد: ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>