للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ففى الاستثناء يؤخر المقصور عليه مع أداة الاستثناء) ...

===

راكبا فالأول من قصر الصفة، والثانى من قصر الموصوف، وكالتمييز كقولك: ما طاب زيد إلا نفسا أى: ما يطيب من زيد إلا نفسه فهو من قصر الصفة، وكالمجرور نحو: ما مررت إلا بزيد، وكالظرف نحو: ما جلست إلا عندك، وكالصفة نحو: ما جاءنى رجل إلا فاضل، وكالبدل نحو: ما جاءنى أحد إلا أخوك، وما ضربت زيدا إلا رأسه، وما سرق زيدا إلا ثوبه، ثم إن قوله: وغير ذلك من المتعلقات يعنى: ما عدا المصدر المؤكد، فإنه لا يقع القصر بينه وبين الفعل إجماعا، فلا تقول: ما ضربت إلا ضربا، وأما قوله تعالى: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا (١) فمعناه إلا ظنا ضعيفا فهو مصدر نوعى، وما عدا المفعول معه فإنه لا يجىء بعد إلا، فلا يقال: ما سرت إلا والنيل؛ وذلك لأن ما بعد إلا كأنه منفصل من حيث المعنى عما قبله لمخالفته له نفيا وإثباتا فإلا تؤذن من حيث المعنى بنوع من الانفصال، وكذلك الواو، فاستهجن عمل الفعل مع حرفيين مؤذنين بالفصل، ولذا لا يقع من التوابع بعد إلا عطف النسق، فلا يقال: ما قام زيد إلا وعمرو، وأما وقوع واو الحال بعدها فى نحو: ما جاءنى زيد إلا وغلامه راكب فلعدم ظهور عمل الفعل لفظا بعد الواو بل هو مقدر كذا فى الرضى وبهذا ظهر الفرق بين لا تمش إلا مع زيد، ولا تمش إلا وزيدا- حيث جاز الأول دون الثانى، كما لا يخفى، وما ذكر من جواز التفريغ فى الصفات أحد قولين للنحاة عليه الزمخشرى وأبو البقاء، والقول الثانى عدم الجواز، وعليه الأخفش والفارسى. اهـ يس.

(قوله: ففى الاستثناء) أى: فالقصر فى الاستثناء يؤخر فيه المقصور عليه مع أداة الاستثناء سواء كانت تلك الأداة إلا أو غيرها وتأكيد المقصور عليه مع الأداة بأن يكون المقصور مقدما على أداة الاستثناء وهى مقدمة على المقصور عليه.

قال النوبى: والسر فى تأخير المقصور عليه أن القصر أثر عن الحرف الذى هو" إلا" ويمتنع ظهور أثر الحرف قبل وجوده. ا. هـ.


(١) الجاثية: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>