للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحالهما احترازا عن تقديمهما مع إزالتهما عن حالهما؛ بأن تؤخر الأداة عن المقصور عليه؛ كقولك: فى ما ضرب زيد إلا عمرا: ما ضرب عمرا إلا زيد؛ فإنه لا يجوز ذلك لما فيه من اختلال المعنى، ...

===

المقصور عليه وهو المستثنى وأداة الاستثناء

(قوله: بحالهما) الباء للملابسة أى: ملتبسين بحالهما وصفتهما، ولما كان ظاهر المصنف أن البقاء بحالهما شرط فى القلة، وليس هذا مرادا قال الشارح: أى جاز على قلة إشارة إلى أنه شرط فى الجواز مع القلة- كذا قرر شيخنا العدوى.

واعلم أن ما ذكره المصنف من جواز تقديمهما على قلة، إن بنينا على أنه لا يجوز أن يستثنى بإلا إلا شىء واحد لضعفها؛ لأن أصلها لا النافية وهو لا تنفى إلا شيئا واحدا، فيعلم مع التقديم حيث يقصد الحصر فى مواليها ما هو المراد من التركيب من قصر ما بعد مدخولها على مدخولها، وأما إن بنينا على جواز أن يستثنى بها شيئان بلا عطف لم يجز التقديم حيث يقصد الحصر فيما والاها فقط بقلة ولا بغيرها، لأن التقديم يوجب توهم أن المراد القصر فى مواليها وفيما بعده، والمقصود القصر فى مواليها فقط فلا يجوز على هذا ولو بقلة أن يقال فى: ما ضرب زيد إلا عمرا- ما ضرب إلا عمرا زيد برفع زيد ونصب عمرو؛ لأنه حيث جوزنا استثناء شيئين يتوهم أن المعنى ما ضرب أحدا أحدا إلا عمرا ضربه زيد، وأكثر النحويين على المنع مطلقا أى سواء ذكر المستثنى على سبيل البدلية أم لا وإياه اعتمد المصنف، ولذلك حكم بالجواز على وجه القلة، وبعضهم جوزه إذا صرح بالمستثنى منه كأن يقال: ما ضرب أحدا أحدا إلا زيد عمرا، فإلا زيد مستثنى من الأحد الأول، وعمرا مستثنى من الأحد الثانى، وأورد على القول بامتناع استثناء شيئيين بأداة واحدة من غير عطف قوله تعالى: وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ (١) فإنه قد استثنى إلا الموصول والظرف، وأجيب بأن الظرف منصوب بمضمر أى: اتبعوك فى بادئ الرأى، ومثل هذا يقال فى قوله تعالى: ثُمَ


(١) هود: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>