للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.

===

فيه نظر؛ لأن عطف البيان فى الجمل لا بد فيه من وجود الإبهام الواضح فى الجملة الأولى كما سيأتى فى قول المصنف أو بيانا لها لخفائها، ولم يوجد هنا فى الجملة الأولى إبهام واضح، ومن ثم ذهب بعضهم إلى أن جملة إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ تأكيد للجملة الأولى، أو بدل اشتمال منها، أو مستأنفة استئنافا بيانيا، ووجه الأولى أن الاستهزاء بالإسلام يستلزم نفيه، ونفيه يستلزم الثبات على الضلال الذى هو الكفر، وهو معنى قوله إِنَّا مَعَكُمْ ووجه الثانى: - وهو كون الثانية بدل اشتمال- أن الثبات على الكفر يستلزم تحقير الإسلام والاستهزاء به فبينهما تعلق وارتباط. ووجه الثالث: أن الجملة الثانية واقعة فى جواب سؤال مقدر تقديره إذا كنتم معنا فما بالكم تقرون لأصحاب محمد بتعظيم دينهم وباتباعه فقالوا إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ وليس ما ترونه منا باطنيا.

فعلى هذا الاحتمال لو عطف عليها أيضا قوله اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ كانت الجملة مقولا لهم؛ لأن الجملة الاستئنافية لا تكون إلا مقولة لقائل المستأنف عنها.

وأجيب بأن مراد الشارح بالبيان البيان اللغوى وهو الإيضاح لا الاصطلاحى ولا شك أن كلا من التأكيد، وبدل الاشتمال، والاستئناف يحصل به البيان المذكور، وأما التأكيد: فلأن فيه رفع توهم التجوز أو السهو والبدل فيه بيان المشتمل عليه بالصراحة. والاستئناف: فيه بيان المسئول عنه المقدر كذا ذكر أرباب الحواشى لكن كلام الشارح فى شرح المفتاح يقتضى أن المراد بالبيان هنا الاصطلاحى؛ وذلك لأنه قال الفرق بين الجمل الثلاث: أن فى الجملة البدلية استئناف القصة، ومزيد الاعتناء بالشأن، وفى الجملة البيانية مجرد إزالة الخفاء، وفى الجملة المؤكدة إزالة توهم التجوز أو السهو أو الغفلة، فنقول إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ إن اعتبر أنه باعتبار لازمه يقرر الثبات على اليهودية تكون مؤكدة، وإن اعتبر اشتماله على أمر زائد على الثبات على اليهودية، وهو تحقير الإسلام وتعظيم الكفر فيكون الاعتناء بشأنه أزيد تكون بدلا؛ لكونها وافية بتمام المراد دون الأولى، وإن اعتبر مجرد إزالة الخفاء عن المعية، وأن المراد منها المعية فى القلب لا فى الظاهر تكون عطف بيان، وإن اعتبر السؤال مقدرا كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>