للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأكيدا معنويا (لدفع توهم تجوز أو غلط؛ نحو: لا رَيْبَ فِيهِ (١)) ...

===

الجملة الثانية من الأولى منزلة النعت من المنعوت، وقد تكون النسبة فى جملة موضحة لنسبة جملة أخرى؛ فلذا نزلت الجملة الثانية من الأولى منزلة عطف البيان من المبين (قوله تأكيدا معنويا) أى بأن يختلف مفهومهما، ولكن يلزم من تقرر معنى إحداهما تقرر معنى الأخرى، والمراد تأكيدا معنويا لغة وإلا فالتأكيد المعنوى فى الاصطلاح إنما يكون بألفاظ معلومة، وليس ما يأتى منها، أو المراد بقوله تأكيدا معنويا أى كالتأكيد المعنوى فى حصول مثل ما يحصل منه، ومثل هذا يقال فى كون الجملة بدلا أو بيانا، ومما يدل على كون الجملة المذكورة ليست تأكيدا معنويا فى الاصطلاح قول المصنف" فيما يأتى فوزانه وزان نفسه إلخ" كذا قيل، وقد تمنع تلك الدلالة بأن يقال إن المراد فوزان هذا التوكيد المعنوى الاصطلاحى الواقع فى الجمل وزان نفسه الذى هو توكيد معنوى اصطلاحا، واقع فى المفردات، فالظاهر أن هذا توكيد معنوى اصطلاحا، ولا مانع أن يقال: إن ما كان بالألفاظ المعلومة تأكيد معنوى بالنسبة للمفردات، والجملة الثانية من المتخالفتين مفهوما، ويلزم من تقرر معنى إحداهما تقرر معنى الأخرى توكيد معنوى بالنسبة للجمل تأمل، وربما كان كلام الفنرى مفيدا لذلك، حيث قال" ولا يقال إن كل واحد من التوكيد والبيان والبدل من جملة التوابع، والتابع هو الثانى المعرب بإعراب سابقه الحاصل أو المتجدد" وحينئذ فلا بد أن يكون للمتبوع إعراب لفظى أو تقديرى.

أو محلى مع أن الكلام فى الجمل التى لا محل لها منه؛ لأنا نقول المراد من قولهم هو الثانى المعرب بإعراب سابقه كونه كذلك فيما لسابقه إعراب أو المراد بإعراب سابقه نفيا وإثباتا، أو أن هذا تعريف للتابع بالنظر للغالب، وهو ما إذا كان للسابق إعراب انتهى كلامه

(قوله: لدفع توهم تجوز) مصدر مضاف لمفعوله، أى ليدفع المتكلم توهم السامع تجوزا إلخ

(قوله: أو غلط) اعترضه العلامة السيد بأن التوكيد المعنوى فى المفردات كما فى" جاء زيد نفسه" لا يكون لدفع توهم النسيان والغلط؛ بل لدفع توهم التجوز فقط، فكذا ما هو بمنزلته، وهو المعنوى فى الجمل نحو لا رَيْبَ فِيهِ لكن الذى حققه


(١) البقرة: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>