للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقتضته الأولى ...

===

قبل: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١) تقديره لم استغفر إبراهيم لأبيه؟ وقد اشتملت تلك الجملة الواقعة جوابا على الواو، وأجيب بأن الواو فى البيت والآية للاستئناف لا للعطف، وما قيل إنه لم يعهد دخول الواو على الجملة المستأنفة النحوية أعنى الجملة الابتدائية ففيه نظر، بل قد عهد ذلك كالواو فى قوله تعالى: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٢) برفع يذرهم كما صرح به فى المغنى، وأجيب أيضا بأن السؤال المعتبر فيه الفصل ما كان منشوء التردد فى حال المسئول عنه بأن حاله كذا أم لا بأن كان واردا على سبيل النقض كما فى الآية ونظائرها؛ وذلك لأن المطلوب فى الأول بيان ما أجمل فيعتبر الاتصال الموجب للفصل، وفى الثانى دفع ما أورد فكان كل من الغرضين اللذين أديا بالسؤال والجواب من طرف فكان المقام مقام وصل يقتضى المناسبة من وجه والمغايرة من وجه آخر.

هذا محصل ما ذكره أرباب الحواشى، إلا أن النقض على كلام المصنف بما تقدم للشارح فى المطول فى بحث الالتفات، والجواب عنه بما ذكر ظاهر، وأما النقض بالآية ففيه شىء منشؤه الغفلة عن سبب النزول كما قاله العلامة عبد الحكيم، فإن الآية الأولى أعنى قوله تعالى: ما كانَ لِلنَّبِيِّ إلخ نزلت فى منع الرسول عليه السّلام من الاستغفار لعمه ومنع المؤمنين من الاستغفار لآبائهم محتجين فى ذلك بأن إبراهيم استغفر لأبيه على ما فى الكشاف، فالآية الأولى منع لهم عن الاستغفار للآباء والأقربين والثانية جواب لتمسكهم باستغفار إبراهيم، فعطف الثانية على الأولى للتناسب وليست جوابا عن سؤال نشأ من الآية الأولى- تأمل ذلك.

(قوله: اقتضته الأولى) أى: اشتملت عليه ودلت عليه بالفحوى، وذلك لكونها مجملة فى نفسها باعتبار الصحة وعدمها كما فى المثال السابق أعنى قوله: وتظن سلمى إلخ،


(١) التوبة: ١١٣.
(٢) الأعراف: ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>