قال لى كيف أنت قلت عليل ... سهر دائم وحزن طويل (١)
أى: ما بالك عليلا؟ ...
===
إلخ، وحاصله أن المنبهم على السامع إما سبب الحكم الكائن فى الجملة الأولى على الإطلاق بمعنى أنه جهل السبب من أصله فيسأل عنه، وإما سبب خاص بمعنى أنه تصور نفى جميع الأسباب إلا سبب خاص تردد فى حصوله ونفيه فسأل عنه، وإما غير السبب بأن ينبهم عليه شىء مما يتعلق بالجملة الأولى
(قوله: عن سبب الحكم) أى: المحكوم به الكائن فى الجملة الأولى
(قوله: مطلقا) حال من السبب أى: حال كون السبب مطلقا أى: لم ينظر فيه لتصور سبب معين بل لمطلق سبب، وذلك لكون السامع يجهل السبب من أصله وذلك بأن يكون التصديق بوجود السبب حاصلا للسائل والمطلوب بالسؤال تصور حقيقة السبب كما قاله فى البيت المذكور فإن التصديق بوجود العلة يوجب التصديق بوجود السبب، إلا أنه جاهل حقيقته فيطلب بما شرح ماهيته ولذا يسأل بما، والتصديق الحاصل بوجود سبب معين ضمنى ليس مقصودا للسائل
(قوله: عليل) خبر مبتدأ محذوف أى: أنا عليل وهذه الجملة منشأ السؤال
(قوله: سهر دائم) خبر لمبتدأ محذوف أى: سبب علتى سهر دائم وهذا محل الشاهد حيث ترك العاطف لما بين الجملتين من شبه كمال الاتصال، والمغايرة التى يقتضيها العطف لا تناسبه، وأما قوله:
عليل أى: أنا عليل فلا شاهد فيه لما نحن بصدده؛ لأنه جواب عن سؤال ملفوظ به، واحتمال كون عليل خبرا أولا، وسهر خبرا ثانيا بتأويله بساهر، وكذا حزن، أو كون سهر مبتدأ، ودائم خبرا، والجملة كالبدل مما قبلها أو حالية أى: ذو سهر دائم تعسف لا يتبادر من الكلام فلا يرتكب
(قوله: أى ما بالك عليلا) أى: ما حالك حال كونك عليلا، ولا شك أن السؤال عن حال العليل بعد العلم بعلته يوجب كون المعنى ما سبب علتك، إذ لا يبقى ما يسأل عنه من أحوال العلة بعد العلم بها إلا سببها فيقدر هذا السؤال
(١) البيت فى الإشارات والتنبيهات للجرجانى ص ٣٤، ومعاهد التنصيص ١/ ١٠٠. ودلائل الإعجاز ص ٢٣٨، وفى عقود الجمان ص ١٨٢.