للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قريش ... لهم إلف) أى: إيلاف فى الرحلتين المعروفتين لهم فى التجارة؛ رحلة فى الشتاء إلى اليمن، ورحلة فى الصيف إلى الشام (وليس لكم إلاف) أى: مؤالفة فى الرحلتين المعروفتين، كأنه قيل: أصدقنا فى هذا الزعم أم كذبنا؟ فقيل: كذبتم.

===

ومراده هجو بنى أسد وتكذيبهم فى انتسابهم لقريش وادعائهم أنهم إخوتهم ونظائرهم بأن لهم إيلافا فى الرحلتين وليس لهم شىء منهما، وأيضا قد آمنهم الله من الجوع والخوف كما هو نص القرآن وأنتم جائعون خائفون

(قوله: قريش) هم أولاد النضر بن كنانة وهو خبر أن، وأما قوله: لهم إلف فهو منقطع عما قبله قائم مقام الاستئناف والألف مصدر الثلائى وهو ألف يقال ألف فلان المكان يألفه إلفا، والإيلاف مصدر الرباعى وهو آلف وكلاهما بمعنى واحد وهو المؤالفة والرغبة

(قوله: رحلة الشتاء لليمن) أى: لأنه حار ورحلة فى الصيف إلى الشام؛ لأنه بارد

(قوله: وليس لكم إلاف) أى: رغبة فى الرحلتين المعروفتين أى: فقد افتريتم فى دعوى الأخوة لعدم التساوى فى المزايا والرتب، إذ لو صدقتم فى ادعاء الأخوة والنظارة لهم لاستويتم مع قريش فى مؤالفة الرحلتين

(قوله: كأنه قيل إلخ) وذلك لأن قوله: زعمتم يشعر بأن القائل لم يسلم له ما ادعاه، إذ الزعم كما ورد مطية الكذب، لكن قد يستعمل لمجرد النسبة لا لقصد التكذيب فليس فيه تصديق ولا تكذيب صريح كما هنا، فكان المقام مقام أن يقال: أصدقنا إلخ، ولو حمل الزعم هنا على القول الباطل لاستغنى عن تقدير كذبتم ولا يكون من هذا القبيل.

واعلم أن ما ذكره الشارح من أن قوله: لهم إلف إلخ: قائم مقام الاستئناف لدلالته عليه غير متعين لجواز أن يكون جوابا لسؤال اقتضاه الجواب المحذوف، فكأنه لما قال المتكلم: كذبتم قالوا: لم كذبنا؟ فقال لهم المتكلم: لهم إلف، فيكون فى البيت استئنافان أحدهما محذوف والآخر مذكور وكل منهما جواب لسؤال مقدر، ولا يقال:

إن هذا الاحتمال عين ما قاله الشارح؛ لأن قوله لهم إلف بالنسبة إلى كذبتم المحذوف لا يحتمل سوى أن يكون استئنافا جوابا للسؤال عن سببه فأقيم المسبب مقام السبب، وحينئذ فلا يصح جعله مقابلا لما قاله الشارح؛ لأنا نقول لا نسلم أن هذا الاحتمال عين

<<  <  ج: ص:  >  >>