(وأما الوصل لدفع الإيهام فكقولهم: لا، وأيدك الله) فقولهم: [لا] رد لكلام سابق؛ كما إذا قيل: هل الأمر كذلك؟ فيقال: لا؛ أى: ليس الأمر كذلك؛ فهذه جملة إخبارية، وأيدك الله جملة إنشائية دعائية. فبينهما كمال الانقطاع، لكن عطفت عليها لأن ترك العطف يوهم أنه دعاء على المخاطب بعدم التأييد، مع أن المقصود الدعاء له بالتأييد، ...
===
كمال الانقطاع مع الإيهام والتوسط بين الكمالين
(قوله: وأما الوصل) أى: الذى يجب مع كمال الانقطاع (وقوله: لدفع الإيهام) أى: لأجل دفع إيهام السامع خلاف مراد المتكلم لو لم يعطف هذا وكان المناسب لكلامه سابقا أن يقول: وأما كمال الانقطاع مع الإيهام الذى يجب فيه الوصل لدفع الإيهام فهو كقولهم إلخ
(قوله: فكقولهم) أى:
فى المحاورات عند قصد النفى لشىء تقدم مع الدعاء للمخاطب بالتأييد
(قوله: لا وأيدك الله) ذكر صاحب المغرب أن أبا بكر الصديق- رضى الله عنه- مر برجل فى يده ثوب فقال له الصديق: أتبيع هذا؟ فقال: لا يرحمك الله، فقال له الصديق: لا تقل هكذا، قل:
لا ويرحمك الله، واعلم أن دفع الإيهام لا يتوقف على خصوص العطف، بل لو سكت بعد قوله: لا أو تكلم بما يدفع الاتصال، ثم قال: رحمك الله أو أيدك الله من غير عطف لكان الكلام خاليا عن الإيهام وقد فصل بعض القراء بين عوجا وقيما دفعا لتوهم أن قيما صفة لعوجا، وحينئذ فوجوب الوصل مع كمال الانقطاع مع الإيهام بالنسبة للفصل مع الاتصال- فتأمل.
(قوله: هل الأمر كذلك) أى: هل أسأت إلى فلان أو هل الأمر كما زعم فلان
(قوله: فيقال لا) أى: ما أسأت إلى فلان أو ليس الأمر كما زعم فلان.
(قوله: فهذه) أى جملة ليس الأمر كذلك التى تضمنتها لا
(قوله: دعائية) أى:
بالتأييد للمخاطب
(قوله: لكن عطفت عليها إلخ) هذا تصريح بأن الواو المذكورة عاطفة لا زائدة لدفع الإيهام وليست استئنافية كما قيل، لكونها فى الأصل للعطف فلا يصار إلى خلافه إلا عند الضرورة، ولعل ذلك القائل ارتكب ذلك هربا من لزوم عطف الإنشاء على الإخبار، وفى الفنرى: يحكى عن الصاحب بن عباد أنه قال هذه الواو أحسن من واوات الأصداغ على خدود الملاح