للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قوله تعالى: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (١) فعندى أن قوله: وَلا يَسْتَقْدِمُونَ عطف على الشرطية قبلها، لا على الجزاء؛ أعنى: قوله: لا يَسْتَأْخِرُونَ إذ لا معنى لقولنا: إذا جاء أجلهم لا يستقدمون.

===

(قوله: ومنه) أى: من التقييد بالشرط قوله تعالى إلخ وهذه الآية عكس ما قبلها

(قوله: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ إلخ) أى: لا يستأخرون ساعة إذا جاء أجلهم ولا يستقدمون، فقوله ولا يستقدمون: عطف على مجموع الجملة قبله شرطها وجزائها، فالمعطوف مطلق والمعطوف عليه مقيد بالشرط عكس الآية السابقة.

(قوله: فعندى) الفاء للتعليل علة لقوله ومنه

(قوله: على الشرطية قبلها) يحتمل أن المراد بها مجموع الشرط والجزاء وهو الأظهر، ويحتمل أن المراد بها قوله لا يستأخرون مأخوذا مع قيده على جعل الشرط قيدا للجزاء بأن تجعل الشرطية جملة مقيدة، وهذا قريب من الأول فى المعنى وإن اختلفا اعتبارا.

(قوله: لا على الجزاء) أى: وحده من حيث إنه جزاء، وإلا لكان هو أيضا جوابا لإذا، إذ المعطوف على الجواب جواب، فيرد عليه أنه لا يتصور التقدم بعد مجىء الأجل؛ لأن الوقت الذى جاء الأجل فيه بالفعل لا يمكن موت قبله، وحينئذ فلا فائدة فى نفيه؛ لأنه نفى لما هو معلوم الاستحالة، فقوله إذ لا معنى إلخ أى: صحيح فى اللغة وإن كان صادقا، فإن قلت: من المقرر أن المعطوف عليه إذا كان مقيدا بقيد متقدم عليه كان المتبادر فى الخطابيات من العطف هو اشتراكهما فى القيد. قلت: قد يخالف الظاهر المتبادر لدليل أقوى منه كما فى الآية الكريمة، فإن التقدم إذا جاء الأجل مستحيل استحالة ظاهرة فلا فائدة فى نفيه، وجوز بعضهم جعل قوله: ولا يستقدمون استئناف إخبار أى: وأخبرك أنهم لا يستقدمون أى: لا يموتون قبل مجىء أجلهم أى: الوقت الذى هو آخر عمرهم، وفى بعض حواشى البيضاوى: يصح أن يكون قوله ولا يستقدمون: عطفا على قوله: لا يستأخرون، وفائدة العطف المبالغة فى انتفاء التأخير؛ وذلك لأنه لما قرنه به ونظمه فى سلكه أشعر أنه بلغ فى الاستحالة إلى مرتبة التقدم، فكما


(١) الأعراف: ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>