للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وإن ضرب غلامها هندا، وإن (تسكب عيناى الدموع لتجمدا) (١) لأنه صدق عليه أنه خالص من الغرابة وتنافر الحروف ومخالفة القياس، والتزام فصاحة ما ذكر لا يليق بحال عاقل، وإذا لم يكن فصيحا لزم أن يكون تعريف فصاحة المفرد غير مانع، فيجب أن يزاد فيه الخلوص عن هذه الأمور ليكون مانعا.

الأمر الثاني: أنه يلزمه صيرورة ما هو فصيح غير فصيح بضم كلمة فصيحة إليه، وبيانه أنه على تقدير تسليم فصاحة ما ذكر من المركبات الثلاثة يلزمه خروجها عن الفصاحة بضم كلمة فصيحة إلى كل واحد منها، كقولك فى المثال الأول: رحم، وفى المثال الثاني: أساء، وفى المثال الثالث: بلغت المنى؛ لأنه قبل الضم من قبيل المفرد، ولم يشترط فى فصاحته الخلوص مما ذكر، وبعد الضم من قبيل الكلام، وهو قد اشترط فى فصاحته الخلوص مما ذكر، والحال إنه لم يخلص، ولا شك أن صيرورة ما هو فصيح غير فصيح بضم كلمة فصيحة إليه بعيد جدّا.

الأمر الثالث: أنه يلزمه أن يخرج عن الفصاحة باعتبار مجرد الإسناد فيه من غير ضم لكلمة ولا نقصها نحو: زيد الذى ضرب غلامه عمرا فى داره؛ فإن جعل الذى وصفا لزيد كان مركبا ناقصا فيكون فصيحا لدخوله فى المفرد، وإن جعل الذى خبرا عن زيد كان كلاما، فيكون غير فصيح لعدم خلوصه من ضعف التأليف، وهذا أشنع مما قبله. واعترض ما اختاره الخلخالى أيضا من التأويل فى الكلام، وإدخال المركب الناقص فيه بأنه يقتضى اتصاف المركب الناقص بالبلاغة حقيقة. لقول المصنف بعد والبلاغة يوصف بها الأخيران فقط، وهو باطل إذ لم يدونوا عوارضه التى يطابق بها مقتضى الحال:

كتدوينهم عوارض المركب التام، وله أن يجيب عن هذا بأن فى الكلام شبه استخدام، حيث ذكر أولا الكلام بمعنى المركب، وذكره ثانيا بمعنى المركب التام، وفيه بعد وبأن المفرد يتناول الأعلام المشتملة على تنافر الكلمات، وضعف التأليف، والتعقيد نحو: أمدحه أمدحه، وزان نوره الشجر، وتسكب عيناى الدموع لتجمد، إذا


(١) البيت للعباس بن الأحنف فى ديوانه، ودلائل الإعجاز: ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>