(أو للدلالة على أنه) أى: جواب الشرط (شىء لا يحيط به الوصف، أو لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن؛ ...
===
قول الشاعر: فإنك كالليل الذى هو مدركى إلخ- أنه قال ما محصله: إن حذف الجواب فى مثله رعاية لأمر لفظى من غير أن يفتقر إليه فى تأدية أصل المراد حتى لو صرح به كان إطنابا، بل تطويلا يعنى: فلا يكون من إيجاز الحذف فى شىء، وهنا قد حكم هو والماتن على أن الآية المذكورة من إيجاز الحذف، فقد جعل حذف الجواب هنا من إيجاز الحذف وفيما مر من المساواة لا من الإيجاز وهذا تناقض، وأجيب بأن جواب الشرط فى البيت المتقدم تقدم ما يدل عليه، فأغنى عرفا عن إعادته؛ لأنه لما تقدم عليه فكأنه ذكر وفى الآية المذكورة هنا دل عليه متأخر فلما تأخر الدليل ضعفت دلالته عليه- فكأنه لم يذكر- وتأمله.
(قوله: لا يحيط به الوصف) أى: لا يحصره وصف واصف بل هو فوق كل ما يذكر فيه من الوصف وذلك عند قصد المبالغة لكونه أمرا مرهوبا منه فى مقام الوعيد أو مرغوبا فيه فى مقام الوعد والقرائن تدل على هذا المعنى، ويلزم من كونه بهذه الصفة ذهاب نفس السامع إن تصدى لتقديره كل مذهب فما من شىء يقدره فيه إلا ويحتمل أن يكون هناك أعظم من ذلك، وهذان المعنيان أعنى: كونه لا يحيط به الوصف وكون نفس السامع تذهب فيه كل مذهب ممكن مفهومهما مختلف ومصدوقهما متحد قد يقصدهما البليغ معا، وقد يخطر بباله أحدهما فقط، ولتباينهما مفهوما عطف الثانى بأو فقال: أو لتذهب نفس السامع فى تقديره كل مذهب فيحصل الغرض من كمال الترغيب أو الترهيب، ولاتفاقهما مصدوقا مثل لهما معا بمثال واحد
(قوله: كل مذهب ممكن) أى: فى كل طريق ذهاب، فكل منصوب على الظرفية أو كل ذهاب فهو منصوب على المصدرية، والمراد أن تتعلق نفس السامع إن تصدى لتقديره بكل ما كان يمكن أن يكون جوابا لذلك الشرط، فإذا سمع السامع وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ (١) ذهبت نفسه وتعلقت بكل طريق ممكن وجعلته جوابا كسقوط لحمهم أو