للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستغربة التى تستلذها النفس، وإنما قيل: إيهام الجمع؛ لأن حقيقة جمع المتنافيين أن يصدق على ذات واحدة وصفان يمتنع اجتماعهما على شىء واحد فى زمان واحد من جهة واحدة؛ وهو محال.

(ومنه) أى: من الإيضاح بعد الإبهام (التوشيع؛ وهو) فى اللغة: لف القطن المندوف، وفى الاصطلاح: ...

===

إجمال وتفصيل بغير الوجه السابق من الوجوه الثلاثة المتقدمة، والإيضاح بعد الإبهام باعتبار ما فيه من فوائد أخرى غيره باعتبار ما فيه من الأمور الثلاثة المتقدمة، ولك أن تقول: هو على هذا القيل أيضا غير ما تقدم؛ لأن إيهام الجمع بين الإجمال والتفصيل غير نفس الإجمال والتفصيل- كذا فى سم.

(قوله: المستغربة) أى: المستظرفة لغرابتها؛ وذلك لأن الجمع بين متنافيين كإيقاع المحال وهو مما يستغرب، والأمر الغريب تستلذ به النفس، فإن قلت: هل الجمع المذكور من البديع أو المعاني؟ قلت: يمكن الأمران لمناسبة المقام وعدمه، فإن كان الإتيان به مناسبا للمقام بأن اقتضى المقام مزيد التأكيد فى إمالة قلب السامع كان من المعانى، وإن قصد المتكلم بالجمع المذكور مجرد الظرافة والحسن كان من البديع

(قوله: أن يصدق) أى: أن يتحقق

(قوله: من جهة واحدة) أى: والجهة هنا ليست كذلك؛ وذلك لأن الإيجاز من جهة حذف المبتدأ والإطناب من جهة ذكر الخبر بعد ذكر ما يعمه فقد انفكت الجهة

(قوله: وهو محال) أى: والصدق المذكور محال أى: لا يصدق العقل بوقوعه لما فيه من اجتماع الضدين المؤدى إلى اجتماع النقيضين وهو باطل بالبداهة

(قوله: لف القطن) أى: وما فى معناه على الظاهر، والمراد بلفه جمعه فى لحاف أو نحوه ووجه مناسبة المعنى الاصطلاحى الآتى لهذا المعنى اللغوى ما بينهما من المشابهة؛ وذلك لأن الإتيان بالمثنى أو الجمع شبيه بالندف فى شيوعه وعدم الانتفاع به انتفاعا كاملا؛ لأن التثنية والجمع فيهما من الإبهام ما يمنع النفع بالفهم أو يقلله، والتفسير بالاسمين شبيه باللف فى عموم الشيوع والانتفاع، فكما أن القطن ينتفع به كمال الانتفاع بلفه فى لحاف أو غيره، فكذلك بيان التثنية والجمع يحصل به كمال الانتفاع، والحاصل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>