للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجب ثقلها على اللسان وعسر النطق بها ...

===

أنه هو، ولا يقال: إن التعريف بالمباين ممنوع ودعوى الادعاء وقصد المبالغة لا تنفع؛ لأنا نقول هذا عند علماء المنطق وأما الأدباء فيكتفون بمجرد كون المعرف يستلزم تصوره تصور المعرف، ويعتبرون قصد المبالغة والادعاء. وأما الجواب الثانى فيؤول الخلوص بالكون خالصا، وهو أمر وجودى، أو يقال: قولهم لا يخبر بالعدمى عن الوجودى إذا أريد بالوجودى الأمر الموجود، أو وجود أمر، وبالعدمى الأمر المعدوم، أو عدم ذلك الأمر: كالعلم والجهل والموت والحياة، فمسلم أنه لا يصح حمل أحدهما على الآخر، لكن الفصاحة والخلوص ليسا كذلك، بل كل منهما ثابت، والخلوص ليس عدم الفصاحة بل عدم ضدها الذى هو التنافر والغرابة، ومخالفة القياس، وأما إن أريد بالوجودى ما لا يدخل العدم فى مفهومه، وبالعدمى ما يدخل العدم فى مفهومه، فلا شك فى صحة حمل العدمى على الوجودى بهذا المعنى بدليل حمل القضايا المعدولة المحمول على الأمر الوجودى نحو: زيد هو لا كاتب والبياض هو لا سواد، فالمحمول عدمى. أى: دخل العدم فى مفهومه. أى: زيد شيء ثبت له عدم الكتابة والبياض شيء ثبت له عدم السواد، ومن المعلوم أن قوله: الفصاحة خلوصة إلخ من باب القضية المعدولة لأنه فى قوة قولنا الفصاحة عدم الأمور المذكورة أى: الفصاحة شىء ثبت له عدم الأمور المذكورة

(قوله: يوجب ثقلها على اللسان) الثقل بكسر الثاء وفتح القاف بوزن صغر، مصدر ثقل الشىء بالضم خلاف الخفة، وأما بكسر الثاء وسكون القاف بوزن علم، فهو الشيء الثقيل والأول أنسب من جهة اللفظ للتشاكل بين المتعاطفين؛ لأن العسر مصدر أيضا، والثانى أنسب من جهة المعنى بحسب المقام؛ لأنه يشير إلى أن التنافر لا يخل بالفصاحة إلا إذا كان شديدا، بحيث يصير على اللسان كالحمل الثقيل، وأما أصل التنافر فلا يخل بالفصاحة، ولا شك أن مراعاة التناسب المعنوى أولى، وعلى هذا فالمعنى يوجب شيئا عظيما كالثقل أى الحمل.

(قوله: وعسر النطق بها) يحتمل أنه عطف تفسير، ويحتمل أنه عطف مسبب على سبب نظرا إلى أن الثقل فى الكلمة سبب

<<  <  ج: ص:  >  >>