للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقدم بحث المجاز على بحث الكناية وضعا، وإنما قال: كجزء معناها لظهور أنه ليس جزء معناها حقيقة؛ فإن معنى الكناية ليس هو مجموع اللازم والملزوم، بل هو اللازم مع جواز إرادة الملزوم.

(ثم منه) أى: من المجاز (ما ينبنى على التشبيه) وهو الاستعارة التى كان أصلها التشبيه ...

===

وطبيعته لا لكون الجزء علّة تامّة للكلّ، إذ لو كان كذلك لكان كلّما وجد الجزء وجد الكلّ وهو باطل لجواز أن يوجد الجزء ولا يوجد الكلّ لصحة كونه أعمّ منه ولما توقف الكلّ على الجزء من الجهة المذكورة حكم العقل بأن الجزء من شأنه أن يتقدم فى نفس الأمر على الكلّ، وذلك هو معنى التقدم الطبيعى أى: المنسوب للطبيعة والحقيقة لتركّب الكلّ من طبيعة الجزء وحقيقته

(قوله: فيقدم إلخ) أى: فالمناسب أن يقدم بحث المجاز على بحث الكناية وضعا لأجل محاكاة وموافقة الوضع للطبع

(قوله: وإنما قال كجزء معناها) أى: ولم يقل: لأن معناه جزء معناها جزما

(قوله: فإن معنى الكناية) أى:

معناها الذى لا بد من إرادته منها فلا منافاة بين ما هنا وبين قوله سابقا ومعنى الكناية يجوز إلخ

(قوله: ليس هو مجموع اللازم والملزوم) أى: على وجه الجزم

(قوله: بل هو اللازم مع جواز إلخ) أى: فالمجزوم به فيها إنما هو إرادة اللازم، وأما الملزوم فيجوز أن يراد وألّا يراد لا أنه قطعا، وإنّما لم يعتبر وقوع هذا الجائز فى بعض الأحيان حتى يكون معنى المجاز جزء حقيقة من معناها؛ لأن الكناية من حيث هى كناية لا تقتضى إرادتهما فلم يعتبر ما يعرض من وقوع ذلك الجائز.

(قوله: ثم منه ما ينبنى على التشبيه) أى: ومنه ما لا ينبنى عليه، وهو المجاز المرسل

(قوله: وهو الاستعارة) وجه بنائها على التشبيه أن استعارة اللفظ إنما تكون بعد المبالغة فى التشبيه، وإدخال المشبه فى جنس المشبه به ادعاء، فإذا قلنا: " رأيت أسدا فى الحمام"، فأولا شبهنا الرجل الشجاع بالحيوان المفترس، وبالغنا فى التشبيه حتّى ادّعينا أنه فرد من أفراده، ثم استعرنا له اسمه، فالتشبيه سابق على الاستعارة فهو أصل لها، ثم إنه فى حالة استعارة اللفظ يتناسى التشبيه، ومراد الشارح بالاستعارة التى كان أصلها التشبيه:

<<  <  ج: ص:  >  >>