للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) لا على وجه (التجريد) الذى يذكر فى علم البديع من نحو: " لقيت بزيد أسدا، أو" لقينى منه أسد"، فإن فى هذا الثلاثة دلالة على مشاركة أمر لأمر فى معنى ...

===

فى المشبه به ادعاء، وعند القوم لفظ المشبه به المطوى من الكلام المرموز إليه بذكر لازمه، وعلى الأول يكون التمثيل لها بقول القائل: " أنشبت المنية أظفارها بفلان" تمثيلا لما تستفاد منه، وعلى الثانى والثالث تمثيلا لما وجدت فيه، فقول الشارح: (نحو أنشبت إلخ) أى: نحو التشبيه المضمر فى النفس المستفاد من قولنا: أنشبت إلخ

(قوله: ولا على وجه التجريد) كان المناسب للمصنف أن يقول بعد ذلك: بالكاف ونحوها؛ ليخرج نحو: " قاتل زيد عمرا، وجاءنى زيد وعمرو إلا أن يقال: أراد بالدلالة الواقعة فى التعريف الدلالة الصريحة المقصودة، فخرج ما ذكر من المثالين؛ لأن الدلالة على المشاركة فيهما ليست صريحة فى ذلك

(قوله: الذى يذكر فى علم البديع) وهو ما كان المجرد غير المجرد منه كما مثل الشارح، وأما ما كان المجرد هو نفس المجرد منه، فليس داخلا فى الدلالة حتى يخرج، وتوضيح ذلك أن التجريد قسمان: -

الأول: أن ينتزع من الشىء شىء آخر مساو له فى صفاته للمبالغة فى ذلك الشىء حتى صار بحيث ينتزع منه شىء آخر مساو له فى صفاته، كقوله تعالى: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ (١) فإنه لانتزاع دار الخلد من جهنم وهى عين دار الخلد لا شبيهة بها، وهذا ليس فيه مشاركة أمر لأمر آخر حتى يحتاج لإخراجه. والثانى: أن ينتزع المشبه به من المشبه للمبالغة فى التشبيه حتى صار المشبه بحيث يكون أصلا ينتزع منه المشبه به، نحو:

" لقيت بزيد أسدا"، فإنه لتجريد" أسد" من" زيد"، و" أسد" مشبه به لزيد لا عينه فيه تشبيه مضمر فى النفس، وهذا هو المحترز عنه، وإخراج التجريد المذكور إنما هو بناء على أنه لا يسمى تشبيها اصطلاحا وهو الأقرب؛ إذ لم يذكر فيه الطرفان على وجه ينبىء عن التشبيه، وقيل إنه تشبيه حقيقة لذكر الطرفين فيمكن التحويل فيهما إلى هيئة التشبيه لولا قصد التجريد، وعليه فلا يحتاج لإخراجه

(قوله: لقيت بزيد أسدا) أى: لقيت من


(١) فصلت: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>