سارية فى البدن يدرك بها الملموسات (من الحرارة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة) هذه الأربعة هى أوائل الملموسات، والأوليان منها فعليتان، ...
===
طيبة وما كان غير ملائم يقال له رائحة منتنة، أو من جهة الإضافة لمحلها كرائحة مسك أو زبل أو لمقارنها كرائحة حلاوة أو مرارة فإن الرائحة مقارنة للحلاوة لا قائمة بها وإلا لزم قيام المعنى بالمعنى
(قوله: سارية) لم يقل منبثّة كما عبر به فى الذوق تفننا (وقوله: فى البدن) أى: فى ظاهر البدن كله وهو الجلد كما هو مصرح به فى كتب الحكمة، وبهذا اندفع ما يقال: إن هذه القوة لم تخلق فى الكبد والرئة والطحال والكلية، فكيف يقول الشارح سارية فى البدن مع أن هذه من جملته؟
(قوله: أوائل الملموسات) أى: لأنها تدرك بمجرد اللمس أى: بأوله من غير احتياج لشىء آخر وما عداها من اللطافة والكثافة والهشاشة واللزوجة والبلة والجفاف والخشونة والملاسة واللين والصلابة والخفة والثقل يدرك باللمس بتوسط هذه الأربعة فهى ثوان فى الإدراك بالنسبة لهذه الأربعة، وقيل إنما سميت أوائل لحصولها فى الأجسام العنصرية البسيطة التى هى أوائل المركبات، والمراد بالأجسام البسيطة العنصرية: الماء والنار والهواء والتراب، والماء فيه برودة ورطوبة، وفى النار حرارة ويبوسة، وفى التراب برودة ويبوسة، وفى الهواء حرارة ورطوبة. وبتلك الكيفيات الأربع تؤثر الأجسام العنصرية بعضها فى بعض ويتأثر بعضها من بعض فيتولد منها المركبات كالمعادن والنباتات والحيوانات
(قوله: فعليتان) أى: مؤثرتان فى موصوفهما؛ لأنهما يقتضيان الجمع والتفريق وكلاهما فعل، فالحرارة كيفية تقتضى تفريق المختلفات باللطافة والكثافة وجمع المتشاكلات، أما تفريقها للمختلفات فلأن فيها قوة مصعدة، فإذا أثرت فى جسم مركب من أجزاء مختلفة باللطافة والكثافة ولم يكن الالتئام بين بسائطها انفعل اللطيف منها فيتبادر للصعود الألطف، فالألطف دون الكثيف فيلزم منه تفريق المختلفات مثلا النار إذا أوقدت على معدن انعزل خبثه من صافيه، وإذا تعلقت بعود سالت الرطوبة المتحدة بالبرودة وخرج منه دخان وهو هواء مشوب بنار ويرتفع للطافته وتبقى الأجزاء الكثيفة، فقد فرقت بين الأجزاء اللطيفة والكثيفة، وأما إنها تجمع المتشاكلات