للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانتزاع وجه الشبه من مجرّد قوله: كما أبرقت قوما عطاشا غمامة- خطأ (لوجوب انتزاعه من الجميع) أعنى: جميع البيت (فإن المراد التشبيه) أى: تشبيه الحالة المذكورة فى الأبيات السابقة بحالة ظهور غمامة للقوم العطاش، ثم تفرقها وانكشافها، وبقائهم متحيرين (باتصال) أى: باعتبار اتصال؛ فالباء هاهنا مثلها ...

===

وفى يس: أن تفرقت تفسير لأقشعت (وقوله: وانكشفت) تفسير لتجلت فيفيد أن العطف مغاير

(قوله: فانتزاع وجه الشبه .. إلخ) الحاصل: أن الشاعر قصد تشبيه الحالة المذكورة قبل هذا البيت وهى حال من ظهر له شىء وهو فى غاية الحاجة إلى ما فيه وبنفس ظهور ذلك الشىء انعدم وذهب ذهابا أوجب الإياس مما يرجيه- بحال قوم تعرضت لهم غمامة وهم فى غاية الاحتياج إلى ما فيها من الماء لشدة عطشهم وبمجرد ما تهيئوا للشرب منها تفرقت وذهبت، فإذا سمع السامع قول الشاعر: كما أبرقت قوما عطاشا غمامة وتوهم أن ما يؤخذ منه يكفى فى التشبيه كان ذلك خطأ؛ لأن المأخوذ منه أن قوما ظهرت لهم غمامة وأن تلك الغمامة رجوا منها ما يشرب وأنهم فى غاية الحاجة لذلك الماء لعطشهم، فإذا انتزع ذلك المعنى من هذا الشطر كان حاصل التشبيه: أن الحالة الأولى كالحالة الثانية التى هى إبراق الغمامة لقوم .. إلخ فى كون كل منهما حالة فيها ظهور شىء لمن هو فى غاية الحاجة إلى ما فيه، وهذا خلاف المقصود للشاعر، وكذا لو فرض أن المتكلم اقتصر على هذا الشطر كان خطأ منه؛ لأن المعنى المفاد منه خلاف ما يناسب أن يراد فى التشبيه؛ لأن كل جزء من طرف له نظير من الطرف الآخر فإذا أسقط ما يؤخذ منه ذلك الوجه بطل اعتبار المجموع

(قوله: أى باعتبار) أى: بواسطة اتصال ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس أى: ولا شك أن انتهاء الشىء المؤيس إنما يؤخذ من الشطر الثانى، وأشار الشارح بقوله: أى: باعتبار .. إلخ، إلى أن الباء فى قوله باتصال للآلة مثلها فى قوله: نجرت بالقدوم أى: بواسطته، وحينئذ فهى داخلة فى كلام المصنف على وجه الشبه لا أنها صلة للتشبيه كما فى قولك: شبهت زيدا بالأسد، وإلا لاقتضى أن اتصال ابتداء المطمع بانتهاء المؤيس مشبه به مع أن المشبه به هو حال ظهور الغمامة

<<  <  ج: ص:  >  >>