للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سبق إلى بعض الأوهام- نظرا إلى ظاهر اللفظ- أن وجه التشبيه- فى قولنا للجبان: هو أسد، وللبخيل: هو حاتم هو التضاد المشترك بين الطرفين باعتبار الوصفين المتضادين- وفيه نظر؛ لأنا إذا قلنا: الجبان كالأسد فى التضاد أى: فى كون كلّ منهما مضادّا للآخر لا يكون هذا من التمليح والتهكم فى شىء، كما إذا قلنا: السواد كالبياض فى اللونية، أو فى التقابل، ومعلوم أنا إذا أردنا التصريح بوجه الشبه فى قولنا للجبان: هو أسد- تمليحا، أو تهكما- لم يتأتّ لنا إلا أن نقول:

فى الشجاعة، لكن الحاصل فى الجبان إنما هو ضد الشجاعة فنزلنا تضادّهما منزلة التناسب، وجعلنا الجبن بمنزلة الشجاعة على سبيل التمليح والهزؤ.

===

(قوله: نظرا إلى ظاهر اللفظ) أى: لفظ المصنف وهو قوله: اشتراك الضدين فيه، ونظرا: منصوب على التمييز، أو على الحال من بعض المضاف، أو من المضاف إليه لا مفعولا لأجله لعدم الاتحاد فى الفاعل؛ لأن فاعل سبق أن وجه الشبه وفاعل النظر ذلك المتوهم

(قوله: هو التضاد) الجملة خبر أن

(قوله: الوصفين المتضادين) وهما الجبن والشجاعة والكرم والبخل لا باعتبار حقيقتى الموصوفين

(قوله: لا يكون هذا من التمليح والتهكم فى شىء) أى: وحينئذ لا حاجة لقول المصنف، ثم ينزل منزلة التناسب بل لا معنى له أصلا؛ لأنه خلاف الواقع وكذلك لا حاجة لقوله بواسطة تمليح أو تهكم، بل لا معنى له، بل لا معنى لقوله: قد ينتزع الشبه من نفس التضاد لاتحاد المنتزع والمنتزع منه ولا معنى له

(قوله: كما إذا قلنا .. إلخ) تنظير بما قبله

(قوله: ومعلوم .. إلخ) هذا ردّ آخر لما سبق لبعض الأوهام، وحاصله: أن وجه التشبيه يصح التصريح به والتضاد لا يصح التصريح به فى قولك تمليحا أو تهكما للجبان هو كالأسد، إذ لو قلت فى التضاد لخرجت عن مقام التمليح والتهكم، وإنما تقول فى مقامهما فى الشجاعة، (وقوله: لكن الحاصل .. إلخ) دفع لما يرد من أن وجه الشبه ما يشترك فيه الطرفان، والجبان ليس بشجاع فلا اشتراك، فكيف صح جعل الشجاعة وجه الشبه؟ وحاصل الدفع: أننا نزلنا تضادهما منزلة تناسبهما وجعلنا الجبن بمنزلة الشجاعة، فالجبان شجاع تنزيلا فجاء الاشتراك

(قوله: تمليحا .. إلخ) أى: على وجه التمليح أو التهكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>