للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع فصاحتها) هو حال من الضمير فى خلوصه، ...

===

واعلم أن الخلوص من ضعف التأليف يحصل بوزن الكلام جاريا على القانون النحوى المشهور بين النحاة، ويحصل الخلوص من التعقيد بظهور الدلالة على المعنى المراد لانتفاء الخلل الواقع فى اللفظ أو فى الانتقال، ويحصل الخلوص من تنافر الكلمات بعدم ثقل اجتماعها على اللسان، فإذا لم تثقل الكلمات، ولكن كانت معانيها غير متناسبة: كسطل وقفل وسيف، إذا عطفت: كان ذلك مخلا بالبلاغة لا بالفصاحة، كما سيعلم ذلك إن شاء الله من مبحث الفصل والوصل.

(قوله: مع فصاحتها) اعلم أن مع تأتى عند إضافتها لثلاثة معان: لمكان الاجتماع نحو: جلست مع زيد، وزمانه نحو:

جئت مع زيد، وبمعنى عند نحو: جلست مع الدار، وتصح الثلاثة هنا، ويراد بالموضع التركيب.

(قوله: حال من الضمير إلخ) أى: فيكون مبينا لهيئة صاحبه، وقيدا لنفس الخلوص بمعنى: عدم الكون، فهو هنا تقييد للنفى لا نفى للتقييد، وحينئذ فالمعنى:

والفصاحة فى الكلام انتفاء ضعف تأليفه وتنافر كلماته وتعقيده حالة كون فصاحة كلماته تقارن ذلك الانتفاء، فالنفى معتبر أولا، ثم قيد بالظرف؛ فإن قلت: إذا كان الظرف حالا من الضمير فى خلوصه؛ كان العامل فيه الخلوص؛ لأن العامل فى الحال وصاحبها واحد فيكون ظرفا لغوا، مع أنهم صرّحوا بأن الظرف اللغو لا يقع حالا ولا خبرا ولا صفة، وأجيب بأن إطلاق الحال على نفس الظرف مسامحة من قبيل إطلاق اسم الكل على الجزء؛ لأن الحال فى الحقيقة متعلقه معه، والعامل فى متعلقه هو العامل فى صاحب الحال فصدق أنه ظرف مستقر، وأن العامل فى الحال وصاحبها واحد، فإن قلت: إنه يلزم على جعل الظرف حالا من الضمير أن يكون زيد أجلل فصيحا؛ فإنه يصدق على هذا التركيب فى هذه الحالة، أى: حالة الفك أنه خالص من هذه الأمور فى حالة فصاحة الكلمات أى: حالة الإدغام فهو كلام واحد له حالتان الفك والإدغام، وصدق عليه فى حالة الفك أنه خالص من الأمور الثلاثة فى حالة الإدغام.

<<  <  ج: ص:  >  >>