ثم اعلم أن هذه القاعدة المذكورة كلية عند الشارح، والذى يفهم الكشاف أنها أغلبية، وأنه لا يجب فى النفى، إذا دخل على مقيد بقيد أن يتوجه للقيد فقط، بل تارة يتوجه للقيد فقط وهو الغالب، وتارة يتوجه للمقيد فقط، وتارة للقيد والمقيد معا، فعلى هذا المفهوم من الكشاف إذا جعلنا الظرف حالا من الكلمات لا يصح أن يكون النفى متوجها للقيد، وإلا لزم فساد التعريف على ما قاله الشارح، ولا يصح أيضا منصبا على القيد والمقيد معا؛ لاقتضائه أن المعتبر فى فصاحة الكلام انتفاء كل من التنافر وفصاحة الكلمات، وحينئذ فيكون الكلام المشتمل على الكلمات الغير الفصيحة الغير المتنافرة فصيحا، ويلزم هذا ما لزم الاحتمال الذى قبله من فساد التعريف منعا وجمعا، ويصح أن يكون النفى منصبا على المقيد فقط لاقتضائه أن المعتبر فى فصاحة الكلام انتفاء التنافر ووجود فصاحة الكلمات، وهذا هو المطلوب إلا أن المعنى وإن كان صحيحا على هذا الاحتمال، لكنه يعترض على التعريف من حيث إنه أتى فيه بعبارة محتملة لوجوه ثلاثة يلزم الفساد على اثنين منها، والحاصل أن انتفاء التنافر المقيد بفصاحة الكلمات، إما بانتفاء التنافر مع وجود قيده بأن تكون الكلمات فصيحة غير متنافرة، أو بانتفاء قيده مع وجوده بأن تكون متنافرة غير فصيحة، أو بانتفاء كليهما بأن لا تكون متنافرة ولا فصيحة، فإذا جعل الظرف حالا من الكلمات لصدق الحد على الأمور الثلاثة، مع أن المحدود لا يصدق إلا على أولها.
وذكر ما هو محتمل لخلاف المقصود الموجب للإيهام والإلباس لا يجوز فى التعريف، فهذا القائل: إن الظرف حال من الكلمات، يقال له: إما أن تلتزم أن القاعدة المتقدمة كلية أو أغلبية، فإن قال بكليتها لزمه فساد التعريف بأنه غير مانع، بل لا يصدق على شىء من أفراد المعرف، وإن قال بأنها أغلبية، فإن قال: إن النفى متوجه للقيد فقط أو له وللمقيد معا؛ لزمه الفساد المتقدم، وإن قال: إنه متوجه للمقيد فقط؛ لزمه فساد التعريف من جهة ما فيه من الإلباس والإيهام لاحتمال العبارة للمراد ولغيره، وأشار الشارح بقوله: فافهم لما قلناه من أنه يجوز أن يكون هذا القائل راعى أن القاعدة