للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاللفظ الواحد بالنسبة إلى المعنى الواحد قد يكون استعارة، وقد يكون مجازا مرسلا.

والاستعارة (قد تقيد بالتحقيقية) لتتميز عن التخييلية والمكنّى عنها (لتحقق معناها) ...

===

بالاعتبارين خلافا لما يوهمه كلام الشارح من أن إطلاق المرسن على الأنف يتعين أن يكون من المجاز المرسل

(قوله: فاللفظ الواحد) أى: كمشفر قد يكون استعارة .. إلخ بحث فيه بأنه مجاز مرسل بالنسبة إلى المفهوم الكلى وهو مطلق شفة واستعارة بالنسبة إلى خصوص شفة الإنسان، ولا شك فى تغاير المعنيين وتعددهما، وحينئذ فلم يتم قول الشارح بالنسبة للمعنى الواحد، وقد يقال: مراد الشارح: أن اللفظ الواحد إطلاقه على المعنى الواحد قد يكون سبيله الاستعارة، وقد يكون سبيله المجاز المرسل، فشفة الإنسان لها اعتباران: خصوص كونها شفة الإنسان، وكونها تحقق فيها المفهوم الكلى وهو مطلق شفة، فاستعمال مشفر فى شفة الإنسان بالاعتبار الأول سبيله الاستعارة واستعماله فيها بالاعتبار الثانى سبيله المجاز المرسل، فظهر أن اللفظ الواحد يصح فيه الإرسال، والاستعارة فى ما صدق واحد باعتبارين والمفهوم مختلف كما علمت

(قوله: قد تقيد) قد للتحقيق كقوله تعالى: قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ (١) وليست للتقليل؛ لأن تقييدها بالتحقيقية كثير فى نفسه، ويحتمل أن تكون للتقليل؛ لأن إطلاق الاستعارة عن التقييد المذكور هو الأكثر وعند إطلاقها تكون شاملة للتحقيقية والتخييلية والمكنى عنها.

(قوله: لتتميز عن التخييلية والمكنّى عنها) لأن معنى التحقيقية محققة فتخرج التخييلية؛ لأنها عند المصنف كالسلف ليست لفظا فلا تكون محققة المعنى، وأما السكاكى فهى وإن كانت لفظا عنده إلا أنها غير محققة المعنى؛ لأن معناها عنده أمر وهمىّ وتخرج المكنية أيضا عند المصنف؛ لأنها عنده التشبيه المضمر فى النفس وهو ليس بلفظ فلا تكون محققة المعنى، وأما عند السلف فهى داخلة فى التحقيقية؛ لأنها اللفظ المستعار المضمر فى النفس وهو محقق المعنى فكذا هى داخلة فيها على مذهب السكاكى؛


(١) النور: ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>