للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: ما قصد اشتراك الطرفين فيه (قسمان؛ لأنه) أى: الجامع (إما داخل فى مفهوم الطرفين) المستعار له، والمستعار منه (نحو: قوله: صلّى الله عليه وسلّم (١): " خير الناس رجل ممسك بعنان فرسه (كلّما سمع هيعة طار إليها) أو رجل فى شعفة فى غنيمة له يعبد الله تعالى حتى يأتيه الموت".

===

الأول: أن يكون داخلا فى مفهوم الطرفين، والثانى: أن لا يكون داخلا فى مفهومهما وهو شامل لما يكون خارجا عنهما وما يكون داخلا فى مفهوم أحدهما خارجا عن مفهوم الآخر؛ ولعلّه لذلك عبّر فى الثانى بغير داخل لا بخارج عن مفهومهما

(قوله: أى ما قصد اشتراك .. إلخ) وهو الذى يسمى فى التشبيه وجه الشبه؛ لأنه سبب للتشبيه، وسموه هنا جامعا؛ لأنه أدخل المشبه تحت جنس المشبه به ادعاء وجمعه مع أفراد المشبه به تحت مفهومه، واعلم: أن الجامع فى الاستعارة هو متعلق العلاقة؛ وذلك لأن العلاقة فى قولك: رأيت أسدا لإنسان هو المشابهة فى الشجاعة فالجامع هو الشجاعة؛ لأن بسببها أدخل المشبه فى جنس المشبه به ادّعاء وجمع مع أفراده تحت مفهومه

(قوله: إما داخل فى مفهوم الطرفين) أى: بأن يكون جزءا من مفهومهما لكونه جنسا أو فصلا لذلك المفهوم

(قوله: بعنان) هو [بكسر العين] اللجام

(قوله: طار إليها) أى: عدا إليها فشبه العدو- الذى هو قطع المسافة بسرعة فى الأرض- بالطيران- الذى هو قطع المسافة بسرعة فى الهواء- واستعار اسم المشبه به للمشبه، واشتق من الطيران طار بمعنى عدا، والجامع قطع المسافة بسرعة وهو داخل فى مفهوم كلّ من المستعار له- وهو العدو- والمستعار منه- وهو الطيران-؛ لأنه جنس لكلّ منهما، وفصل العدو المميز له عن الطيران كونه فى الأرض كما أن الفصل المميز للطيران كونه فى الهواء، وإسناد الطيران فى الحديث للرجل مجاز عقلى، والأصل طار فرسه بسعيه إليها

(قوله: أو رجل ..

إلخ) " أو" للتقسيم فخير الناس مقسم لهذين القسمين، وليست للترديد.

(قوله: فى شعفة) بفتح الشين المعجمة وتحريك العين المهملة وبعدها فاء

(قوله: فى غنيمة) فى بمعنى مع وهو حال من الضمير المستتر فى الظرف، أو أنها باقية على حالها


(١) رواه أحمد والترمذي بلفظ فيه اختلاف، وصححه الألبانى في صحيح الجامع (٢٦٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>