على القلب- أى ظهور ظلمة الليل من النهار، أو بأن المراد من الظهور: التمييز،
===
مجموع المدة التى هى من طلوع الشمس إلى غروبها لا ظهوره بطلوع الفجر، ولا شك أن الواقع عقيب جميع المدة الدخول فى الظلام، ومعنى الآية على هذا وآية لهم الليل نظهر أى: نخرج منه جميع النهار فيعقب هذا الإظهار الدخول فى الظلام
(قوله: على القلب) قد سبق أن السكاكى يقبل القلب مطلقا، وإن لم يظهر فيه اعتبار لطيف، فاندفع ما يقال: إن القلب إذا لم يتضمن اعتبارا لطيفا فهو كالغلط ولم يظهر هنا اعتبار لطيف، وحينئذ فلا يصح حمل كلام السكاكى عليه لقبحه
(قوله: أى ظهور ظلمة الليل من النهار) هذا قلب لقول السكاكى ظهور النهار من ظلمة الليل، ثم إن قوله: من النهار يحتمل التضمين أى: ظهور ظلمة الليل منفصلة من النهار أى: بفراغه أو أن من للابتداء أى: ظهور ظلمة الليل مبتدأ ذلك الظهور من مكان النهار أى: من مكان ضوئه، هذا وما ذكره من الجواب بالقلب يشكل على المفاجأة؛ لأن ظهور الظلمة يكون معه الإظلام لا عقبه حتى تتأتى المفاجأة، إلا أن يراد بظهور الظلمة ابتداؤها، وبالإظلام التوغل فى الظلام والاستمرار فيه.
واعلم أن جعل المستعار له ظهور ظلمة الليل من النهار بناء على ارتكاب القلب فى كلام السكاكى يؤدى لارتكاب القلب فى الآية أيضا؛ لأن المعنى حينئذ: وآية لهم الليل نسلخه من النهار أى: نظهر ظلمته بانفصاله من النهار فإذا هم مظلمون، تأمل.
(قوله: أو بأن المراد من الظهور التمييز) أى: ومن فى كلام المفتاح بمعنى عن، والمعنى أن المستعار له تمييز النهار عن ظلمة الليل والواقع بعد تمييز النهار عن ظلمة الليل هو الإظلام ويرد على هذا الوجه الثانى أنه إن أريد بالتمييز إزالة النهار عن مكان الليل بإعدامه فى مرأى العين فهذا بعينه الوجه الذى ذكره بعد بقوله، أو بأن الظهور بمعنى الزوال إلخ، وإن أريد تمييزه عنه مع بقاء وجوده فى مكان الليل فهو فاسد، إذ الضوء والظلمة لا يجتمعان فى محل لتضادهما، وإن أريد تمييزه عنه حال كونه موجودا فى مكان آخر وهو تحت الأرض فهو فاسد؛ لأنه من قبيل نقل الأعراض من محل إلى محل آخر فلم يبق لهذا الوجه للثانى فى كلام البعض معنى مستقل صحيح، فتأمل ا. هـ يعقوبى.