للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزمان النهار وإن توسط بين إخراج النهار من الليل وبين دخول الظلام لكن لعظم شأن دخول الظلام بعد إضاءة النهار، وكونه مما ينبغى أن لا يحصل إلا فى أضعاف ذلك الزمان- عد الزمان قريبا، وجعل الليل كأنه يفاجئهم عقب إخراج النهار من الليل بلا مهلة؛ وعلى هذا حسن إذا المفاجأة؛ كما يقال: أخرج النهار من الليل ...

===

ولا يعد ذلك الزمان متراخيا لكون العادة تقتضى أطول منه فيستصغر المتكلم ويلحقه بالعدم، ويجعل الأمر الثانى غير متراخ فيستعمل الفاء، كما فى قولك: تزوج زيد فولد له، مع أن بين التزوج والولادة مدة الحمل، إلا أن العادة تعده معاقبا للتزوج، وكما فى قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ (١) وقد يقصر الزمان بين أمرين، والعادة فى مثله تقتضى اعتبار المهلة فيؤتى ب ثم كما فى قولك: جاء الشيخ ثم الطلبة فتأخرهم عنه ولو درجة تعده العادة مهلة؛ لأن الشأن مقارنة مجيئهم لمجيئه، وكما فى قوله تعالى: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ (٢) بعد قوله: فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً (٣)

(قوله: وزمان النهار) أى: الذى مبدؤه طلوع الفجر وإضافة زمان للنهار بيانية

(قوله: وإن توسط بين إخراج النهار من الليل) أى: بين إخراجه من الليل السابق بطلوع الفجر

(قوله: وبين دخول الظلام) أى دخول الظلام اللاحق بالغروب

(قوله: لكن لعظم إلخ) أى: لكن لما كان دخول الظلام بعد إضاءة النهار شأنه عظيم، حتى إن من حقه أنه لا يحصل إلا بعد نهارات متعددة صار حصوله بعد نهار واحد أمرا قريبا فلذا أتى بالفاء

(قوله: وكونه مما ينبغى) من عطف المسبب على السبب

(قوله: ذلك الزمان) أى: وهو النهار.

(قوله: عد الزمان قريبا) أى: فلذا أتى بالفاء

(قوله: وجعل الليل كأنه يفاجئهم إلخ) أى: فلذا أتى بإذا الفجائية (وقوله: كأنه يفاجئهم عقب إلخ) أى: يحصل لهم من غير توقع له حينئذ

(قوله: وعلى هذا) أى: ما ذكر من قوله لكن لعظم إلخ

(قوله: حسن إذا المفاجأة)


(١) الحج: ٦٣.
(٢) المؤمنون: ١٤.
(٣) المؤمنون: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>