للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شرط الجامع أن يكون المستعار منه أقوى، فالحق أن الجامع هو البعث الذى هو فى النوم أظهر وأشهر وأقوى؛ لكونه مما لا شبهة فيه لأحد.

وقرينة الاستعارة هو كون هذا الكلام كلام الموتى مع قوله: هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (١).

===

والجامع عدم ظهور الفعل مع كل، وحاصله أن الجامع يجب أن يكون فى المستعار منه أقوى وأشهر ولا شك أن عدم ظهور الأفعال فى الموت الذى هو المستعار له أقوى منه فى الرقاد الذى هو المستعار منه، وحينئذ فلا يصح جامعا فالحق إلخ

(قوله: أقوى) أى:

لأن فى الموت تزال الروح والإدراك بالحواس، بخلاف النوم فإنه وإن أزيل معه الإدراك بالحواس لا يزال معه الروح فعدم ظهور الفعل لازم للموت بحيث لا يظهر فعل معه أصلا لزوال الروح، بخلاف النوم فإن الفعل معه موجود فى الجملة، وإنما تسلط العدم فيه على الأفعال التى يعتد بها وهى الاختيارية التى تقصد لأغراضها ولم يعتد بغيرها لعدم الفائدة مع قلتها

(قوله: فالحق إلخ) هو من جملة القيل (وقوله: أن الجامع) أى: بين الرقاد والموت

(قوله: هو البعث) أى: بناء على أنه موضوع للقدر المشترك بين الإيقاظ والنشر بعد الموت وذلك القدر هو رد الإحساس السابق، أما إذا قيل: إنه مشترك بين الإيقاظ والإحياء، أو أنه حقيقة شرعية فى الإحياء بعد الموت فلا يصح كونه جامعا لعدم وجود معناه فى الطرفين معا

(قوله: أظهر) أى: من حيث الإدراك

(قوله: وأقوى) أى: فى الشهرة فهو مرادف لما قبله، وليس المراد أنه فى النوم أقوى بالنظر لمعناه؛ لأن معناه فى الموت أقوى؛ لأن فيه رد الحياة وإحساسها وفى النوم رد الإحساس فقط.

(قوله: لكونه مما لا شبهة فيه لأحد) أى: بخلافه فى الموت فقد أنكره قوم وهذا علة لكونه أشهر فى النوم

(قوله: وقرينة الاستعارة) أى: فى هذه الآية أى: القرينة المانعة من إرادة الرقاد بمعنى النوم الذى هو المعنى الحقيقى وأن المراد الموت (وقوله: هو كون هذا الكلام كلام الموتى) أى: بعد بعثهم، ولا شك أن الموتى لا يريدون الرقاد بمعنى النوم؛ لأنه لم يكن حاصلا لهم

(قوله: مع قوله: هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ)


(١) يس: ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>