(و) الثانى (مجردة وهى ما قرن بما يلائم المستعار له كقوله: غمر الرداء) أى كثير العطاء استعار الرداء للعطاء لأنه يصون عرض صاحبه كما يصون الرداء ما يلقى عليه ثم وصفه بالغمر الذى يناسب العطاء ...
===
بهذا الرجل فإن الرجل نعت نحوى لا صفة معنوية
(قوله: والثانى) أى: من أقسام هذه الاستعارات المنظور إليها باعتبار وجود الملائم وعدمه
(قوله: مجردة) أى: تسمى مجردة لتجردها عما يقويها من إطلاق أو ترشيح؛ لأن المشبه الذى هو المستعار له صار بذكر ملائمه بعيدا من دعوى الاتحاد التى فى الاستعارة ومنها تنشأ المبالغة
(قوله: وهى ما قرن) أى: وهى الاستعارة التى قرنت بما يلائم المستعار له فذكر الفعل نظرا للفظ ما أو نظرا إلى أن الاستعارة لفظ، والمراد أنها قرنت بذلك الملائم زيادة على القرينة، إذ بدونها لا تسمى استعارة، وسواء كان ذلك الملائم تفريعا نحو: رأيت أسدا يرمى فلجأت إلى ظل رمحه، أو كان صفة نحوية نحو: رأيت أسدا راميا مهلكا أقرانه، أو كان صفة معنوية كما فى مثال المصنف.
(قوله: كقوله) أى: كقول كثير عزة بن عبد الرحمن الخزاعى الشاعر المشهور أحد عشاق العرب، وإنما صغروه لشدة قصره، قال الوقاص: رأيت كثيرا يطوف بالبيت فمن حدثك أنه يزيد على ثلاثة أشبار فلا تصدقه! ! وكان إذا دخل على عبد الملك بن مروان أو على أخيه عبد العزيز يقول له: طأطئ رأسك لا يصبه السقف! ! !
(قوله: غمر الرداء) (١) بفتح الغين خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو أى: الممدوح فى الأبيات السابقة غمر الرداء
(قوله: أى كثير العطاء) أراد بالعطاء الإعطاء الذى هو بذل المال فهو اسم مصدر بمعنى المصدر، وليس المراد بالعطاء الأخذ للمال
(قوله: لأنه يصون إلخ) بيان للجامع، وحاصله أن وجه الشبه مطلق الصون عما يكره، إذ هو مشترك بينهما؛ لأن الرداء يصون ما يلقى عليه من كل ما يكره حسّا والإعطاء يصون عرض صاحبه
(قوله: ثم وصفه) أى: الرداء وصفا معنويّا
(قوله: الذى يناسب العطاء) أى: إذا كان من غمر الماء غمارة وغمورة إذا كثر، وأما إذا كان من قولهم: ثوب غامر
(١) شرح المرشدى ٢/ ٤٨، الإيضاح ٢٦٩.