للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا لم يقدر على انفكاكه (و) الثالث (مرشحة وهى ما قرن بما يلائم المستعار منه نحو أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ (١) استعير الاشتراء للاستبدال والاختيار ثم فرع عليها ما يلائم الاشتراء من الربح والتجارة

===

الأموال مرهونة عندهم وأنه عاجز عن أداء ذلك الحق، فلذلك لم يقدر على انفكاك الأموال منهم.

(قوله: إذا لم يقدر على انفكاكه) أى: إذا لم يقدر الراهن على انفكاكه لمضى أجل الدين، وحاصله أن عادة الجاهلية إذا حل أجل الدين الذى له رهن ولم يوف فإن المرتهن يتملك الرهن ويتمكن منه ولا يباع- قاله فى الأطول.

(قوله: مرشحة) من الترشيح وهو التقوية سميت الاستعارة التى ذكر فيها ما يلائم المستعار منه مرشحة؛ لأنها مبنية على تناسى التشبيه حتى كأن الموجود فى نفس الأمر هو المشبه به دون المشبه، فإذا ذكر ما يلائم المشبه به دون المشبه كان ذلك موجبا لقوة ذلك المبنى فتقوى الاستعارة بتقوى مبناها لوقوعها على الوجه الأكمل أخذا من قولك:

رشحت الصبى إذا ربيته باللبن قليلا قليلا حتى يقوى على المص

(قوله: وهى ما قرن) أى:

وهى استعارة قرنت بما يلائم المستعار منه أى: زيادة على القرينة فلا تعد قرينة المكنية ترشيحا، وسواء كان ما يلائم المستعار منه الذى قرنت به الاستعارة صفة كقولك: رأيت أسدا ذا لبد يرمى، وجاورت اليوم بحرا زاخرا متلاطم الأمواج، أو كان تفريعا كما فى الآية التى مثل بها المصنف

(قوله: استعير الاشتراء للاستبدال) أى: أنه شبه استبدال الحق بالباطل، واختياره عليه بالشراء الذى هو استبدال مال بآخر بجامع ترك مرغوب عنه عند التارك والتوصل لبدل مرغوب فيه عنده، واستعير اسم المشبه به للمشبه، والقرينة على أن الاشتراء ليس مستعملا فى حقيقته استحالة ثبوت الاشتراء الحقيقى للضلالة بالهدى.

(قوله: ثم فرع عليها) أى: على الاستعارة المذكورة

(قوله: من الربح والتجارة) الأولى من نفى الربح فى التجارة أى: ولا شك أن نفيه يلائم المشبه به، وذلك مما يزيد


(١) البقرة: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>