للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل الكلام خلوا عنه ونقل الحديث إلى المشبه به وقد وقع فى بعض أشعار العجم النهى عن التعجب مع التصريح بأداة التشبيه وحاصله لا تعجبوا من قصر ذوائبه فإنها كالليل ووجهه كالربيع والليل فى الربيع مائل إلى القصر ...

===

ينافيه الاعتراف بالأصل كما قررت كان البناء على الفرع عند ذكر الأصل ممتنعا فكيف يدعى جوازه؟ قلت: تناسى التشبيه عند جحد الأصل ظاهر، وأما عند ذكره فنقول: المنافى للبناء على الفرع هو ذكر المشبه مع الإشعار بأنه باق على أصله وهو أنه لم يقو قوة المشبه به ومجرد ذكر الطرفين لا إشعار فيه بما ذكر، فيتأتى معه تناسى التشبيه بأن يجعل الطرفان ولو ذكرا متحدين ويدعى أنهما شىء واحد فى الحقيقة، وإنما اختلفا بالعوارض التى لا ينافى بناؤها هذا التناسى لأصل التشبيه، وهذا ظاهر فى التشبيه الخالى عن الأداة، وأما عند ذكرها ففيه بعد؛ لأن الأداة تشعر بضعف المشبه عن المشبه به، وقد يقال: يمكن دعوى الاتحاد فيه أيضا، إذ لا مانع من تشبيه أحد المتحدين فى الحقيقة بالآخر بآلة التشبيه، وتحصل مما تقدم أن الاعتراف بالأصل المنافى للبناء على الفرع بحسب الظاهر فقط وأما عند جحد الأصل فليس هناك مناف للبناء على الفرع لا بحسب الظاهر ولا فى الواقع- فتأمل.

(قوله: وجعل الكلام خلوا عنه) أى: لأنه تنوسى التشبيه وادعى دخول المشبه فى جنس المشبه به وأنه فرد منه

(قوله: وقد وقع إلخ) هذا مغاير لما سبق فى المتن؛ لأن ما سبق فيه البناء على الفرع وهو المشبه به مع الاعتراف بالأصل من غير ذكر لأداة التشبيه وما هنا فيه البناء على الفرع مع الاعتراف بالأصل والتصريح بأداة التشبيه وهذا مما يقرر الكلام المذكور

(قوله: لا تعجبوا من قصر ذوائبه) أى: شعره (وقوله: كالربيع) أى: فى البهجة والنضارة

(قوله: والليل فى الربيع مائل إلى القصر) من المعلوم أن المائل إلى القصر فى الربيع الليل الحقيقى، والذى لا يتعجب من قصر ليله هو الربيع، فلما تنوسى التشبيه وادعى أن الذوائب نفس الليل الحقيقى، وأن وجه المحبوب نفس الربيع الحقيقى؛ نهى من التعجب من قصر الذوائب التى هى الليل الحقيقى الكائن فى زمان الربيع، فقد بنى على الفرع ما يناسبه مع الاعتراف بالأصل والتصريح بالأداة- فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>