شبه صورة تردده فى ذلك الأمر بصورة تردد من قام ليذهب فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلا وتارة لا يريد فيؤخر أخرى فاستعمل فى الصورة الأولى الكلام الدالّ بالمطابقة على الصورة الثانية ووجه الشبه وهو الإقدام تارة والإحجام أخرى منتزع من عدة أمور كما ترى (و) هذا المجاز المركب (يسمى التمثيل) ...
===
لئلا يفيد الكلام أن الرجل المؤخرة غير المقدمة، وليس هذا صورة التردد فى الذهاب وعدمه؛ لأن الإنسان إذا أراد الذهاب رمى رجله أماما وإذا أحجم عنه رد تلك الرجل إلى موضعها، ويسمى ردها لموضعها تأخيرا باعتبار ما انتهت إليه أولا
(قوله: شبه صورة إلخ) أى: وإنما كان هذا القول مجازا مركبا مبنيا على تشبيه التمثيل؛ لأنه شبه صورة تردده فى ذلك الأمر أى: الهيئة الحاصلة من تردده فى ذلك الأمر، فتارة يقدم على فعله بالعزم عليه، وتارة يحجم عنه.
(قوله: بصورة تردد إلخ) أى: بالهيئة الحاصلة من تردد من قام ليذهب إلخ، ولا شك أن الصورة الأولى عقلية والثانية حسية، وبهذا التقرير تعلم أن المشبه ليس هو التردد فى الأمر والمشبه به ليس هو التردد فى الذهاب، بل كل من المشبه والمشبه به هيئة يلزمها التردد، وحينئذ فالإضافة فى قوله صورة: تردده لامية وليست بيانية، وإلا لو رد عليه أن التردد ليس معنى مطابقيّا للفظ المذكور، بل لازم لمعناه المطابقى الذى هو الصورة المنتزعة من التردد وقد صرح الشارح سابقا بأن المشبه به إنما يكون معنى مطابقيّا
(قوله: وهو الإقدام تارة إلخ) أى: وهو الهيئة المركبة من الإقدام والإحجام، وحاصله أن وجه الشبه وهو الجامع بين الصورة المشبهة والصورة المشبه بها ما يعقل من الصورة التركيبية التى هى كون كل واحد منهما له مطلق إقدام بالانبعاث لأمر تارة والإحجام عن ذلك الأمر بذلك الانبعاث تارة أخرى، وهذا أمر عقلى قائم بالصورتين مركب باعتبار تعلقه بمتعدد؛ لأنه هيئة اعتبر فيها إقدام متقدم وإحجام مستعقب.
بقى شىء آخر وهو أن قوله: إنى أراك هل له دخل فى التجوز والنقل، أو هو حقيقة والتجوز فيما بعده؟ قلت: ذكر العلامة اليعقوبى: أن الظاهر أنه لا دخل له، لأنا لو قلنا: فلان يقدم رجلا ويؤخر أخرى حصل التمثيل على وجه الاستعارة، ويحتمل