للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كذلك) أى على سبيل الاستعارة ...

===

الذى يراد به اللازم مع صحة إرادة الملزوم كناية يجوز أن يعرض له قرينة مانعة عن إرادة المعنى الأصلى فيكون مجازا متفرعا عن الكناية، وحينئذ فلا يتم ما ذكر حجة فى ترك التعرض.

بقى هنا شىء وهو الاستعارة التمثيلية هل تكون تبعية أم لا؟ ظاهر كلام القوم: أن التبعية إنما تكون فى المجاز المفرد، وفى الكشاف ما يقتضى جواز كون التمثيلية تكون تبعية، فإنه قال: ومعنى الاستعلاء فى قوله تعالى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ (١) أنه مثل لتمكنهم من الهدى واستقرارهم عليه وتمسكهم به فشبهت حالتهم بحالة من اعتلى الشىء وركبه، قال الشارح فى حواشيه: يعنى أن هذه استعارة تمثيلية تبعية، أما التبعية:

فلجريانها أولا فى متعلق معنى الحرف وتبعيتها فى الحرف، وأما التمثيل: فلكون كل من طرفى التشبيه حالة منتزعة من عدة أمور- ا. هـ

وردّه السيد بأن معانى الحروف مفردة، إذ المعنى المفرد ما دل عليه بلفظ مفرد وإن كان ذلك المعنى مركبا فى نفسه، بدليل أن تشبيه زيد بالأسد تشبيه مفرد بمفرد وإن كان كلّ منهما ذا أجزاء، ولما صرح بأن كل واحد من طرفى التشبيه هاهنا حالة منتزعة من عدة أمور لزمه أن يكون كل واحد منهما مركبا، وحينئذ لا يكون معنى الاستعلاء مشبها به أصالة ولا معنى على مشبها به تبعا فى هذا التشبيه المركب الطرفين؛ لأنهما معنيان مفردان، وإذا لم يكن شىء منهما مشبها به سواء جعل جزءا من المشبه به أو خارجا عنه لم يكن شىء منهما مستعارا منه فكيف سرى التشبيه من أحدهما إلى الآخر؟ فتأمل.

(قوله: كذلك) حال من الضمير المضاف إليه أى: فشا استعمال المجاز المركب حال كونه على حسب الاستعارة أى: مماثلا لها، واعترض بما حاصله أن الأولى حذف قوله: كذلك؛ لأنه إن احترز به عن شيوع استعماله على سبيل التشبيه أو فى معناه الأصلى، ورد عليه أن شيوع الاستعمال على سبيل التشبيه، أو فى المعنى الأصلى غير داخل فى فشو المجاز المركب حتى يحترز عنه بقوله: كذلك ويلزم عليه تشبيه الشىء


(١) [البقرة: ٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>