===
قالها وقد هلك له خمسة بنين فى عام واحد، وكانوا فيمن هاجر إلى مصر فرثاهم بهذه القصيدة ومطلعها (١):
أمن المنون وريبها تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع
قالت أميمة ما لجسمك شاحبا ... وبه ابتذلت ومثل ذلك ينفع
أمّا لجنبك لا يلائم مضجعا ... إلا أقضّ عليك ذاك المضجع
فأجبتها أرثى لجسمى إنّه ... أودى بنىّ من البلاد فودّعوا
أودى بنىّ فأعقبونى حسرة ... عند الرقاد وعبرة لا تقلع
فالعين بعدهم كأنّ حداقها ... سملت بشوك فهى عور تدمع
فبقيت بعدهم بعيش ناصب ... وإخال أنى لاحق مستتبع
سبقوا هواى وأعنقوا لهواهم ... فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع
ولقد حرصت بأن أدافع عنهم ... وإذا المنية أقبلت لا تدفع
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... .. البيت
وبعده:
وتجلّدى للشامتين أريهم ... أنى لريب الدّهر لا أتضعضع
حتى كأنى للحوادث مروة ... بصفا المشرّق كلّ يوم تقرع
والدّهر لا يبقى على حدثانه ... جون السراة له جدائد أربع
يروى أن عبد الله بن عباس أو الحسن بن على- رضى الله عنهما- استأذن على معاوية فى مرض موته ليعوده فادهن معاوية واكتحل وأمر أن يقعد ويسند، وقال:
ائذنوا له- بالدخول وليسلم قائما وينصرف، فلما دخل عليه وسلم، أنشد معاوية قوله فى هذه القصيدة: وتجلدى للشامتين أريهم البيت، فأجابه ابن عباس أو الحسن على الفور: وإذا المنية أنشبت أظفارها البيت، ثم خرج من داره حتى سمع الناعية عليه.
(١) فى الإشارات ص ٢٢٨، شرح المرشدى على عقود الجمان (٢/ ٥٢)، وهو لأبى ذؤيب الهذلي.