للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن أطولكن فى قوله عليه الصلاة والسّلام (١) " أسرعكن لحوقا بى أطولكن يدا" أى نعمة ...

===

أو الأصل الذى حق الإسناد أن يكون له، ففى الاستعارة والمجاز المرسل يعتبر بعد قرينتهما وفى التشبيه والمجاز العقلى يعتبر مطلقا، أما مثاله فى التشبيه فكما فى قولنا:

أظفار المنية الشبيهة بالسبع أهلكت فلانا، وأما مثاله فى المكنى عنها فكأن يقال: أنشبت المنية أظفارها بفلان ولها لبد وزئير، وأما مثاله فى التصريحية فكما مر فى قوله:

لدى أسد شاكى السلاح مقذّف ... له لبد أظفاره لم تقلّم (٢)

وأما مثاله فى المجاز العقلى فكما فى قوله:

أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطىّ الأباطح (٣)

فإنه بعد ما شبه السير بالسيلان وعبر به عنه أسنده إلى الأباطح- جمع أبطح وهو المكان المتسع الذى فيه دقاق الحصى- إسنادا مجازيّا، وأعناق المطى مناسب لمن ثبت له السير حقيقة وهم القوم، فهو ترشيح للمجاز العقلى، وأما مثاله فى المجاز المرسل فكما فى قوله صلّى الله عليه وسلّم لأزواجه الطاهرات: "أسرعكن لحوقا بى أطولكن يدا"، فإن اليد مجاز مرسل عن النعمة لصدورها عن اليد، (وقوله: أطولكن) ترشيح لذلك المجاز؛ لأنه مأخوذ من الطول بالفتح وهو الإنعام والإعطاء وذلك ملائم لليد الأصلية؛ لأن الإنعام إنما يكون بها، وقد يقال: إن الإنعام والإعطاء كما يلائم اليد الأصلية؛ لأنه يكون بها يلائم النعمة أيضا؛ لأنها متعلقه فيكون مشتركا بين الأصل والفرع فلا يكون ترشيحا، ومعنى أطولكن: أكثركن طولا أى: إنعاما وإعطاء وجعل أطولكن مأخوذا من الطول بالضم وهو ضد القصر ليناسب اليد الأصلية فيكون ترشيحا يؤدى إلى خلو الكلام عن الإخبار بكثرة الجود المقصود اللهم إلا أن يقال: إنه استعير الطول بالضم للاتساع فى العطاء وكثرته، فيكون ترشيحا باعتبار أصله لما تقرر من أن الترشيح يجوز إبقاؤه على حقيقته لم يقصد منه إلا التقوية، ويجوز استعارته لملائم المعنى المجازى المراد من اللفظ.


(١) رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٥٢) بلفظ" لحاقا".
(٢) و (٣) سبق تخريجهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>